حاوره: عبدالرحمن مطهر ..قال رئيس منتدى التنمية السياسية الأستاذ علي سيف حسن: إن مؤتمر الحوار الوطني سيكون البوابة التي سيعود من خلالها اليمنيون إلى مربع السياسة بدلاً من مربع العنف، الأمر الذي سيمكنهم من معالجة قضايا اليمن الكبيرة ، خاصة أن اليمن لديها قضايا عديدة ومتراكمة من عشرات السنين.. مضيفاً بأنه ليس بالضرورة أن يتحقق كل ما نتطلع إليه من خلال مؤتمر الحوار ولكن الأهم هو تجاوز مرحلة اللا سياسة .. مشيراً بأن معالجة القضية الجنوبية تحتاج إلى جسارة من اللواء علي محسن الأحمر والأستاذ محمد اليدومي وغيرهما من النخبة في صنعاء للتواصل مع قادة الجنوب لمعالجة هذه القضية.
مؤكداً تفاؤله بنجاح الحوار الوطني وأن العام القادم 2014م سيكون عام العودة إلى الشرعية الدستورية وبالتالي سيكون لدى اليمن فرصة كبيرة لمعالجة التحديات الكبيرة التي تواجهها.
الأستاذ علي سيف حسن تحدث عن كل ذلك وعن اللقاءات التي تتم في عواصم عربية وأوروبية وعن منزل الرئيس السابق علي سالم البيض خلال الحوار التالي:
برنامج دعم الحوار
>>.. بدايةً أستاذ علي ما أهمية برنامج دعم الحوار الوطني وما طبيعة عمله؟
برنامج دعم الحوار الوطني هو برنامج مشترك أو مبادرة مشتركة بين منتدى التنمية السياسية ومنظمة بيرجهوف الألمانية وبتمويل أوروبي من الحكومة الألمانية لدعم الحوار الوطني الشامل وهناك عروض أو نوايا من أطراف أخرى لتمويل هذا البرنامج .. بدأ بجمع مختلف الأطراف السياسية الرئيسية في اليمن وفي الخارج حيث تمت استضافتهم في حوار غير رسمي لمدة أربعة أيام في ألمانيا وهم الدكتور عبدالكريم الإرياني والأستاذ عبدالوهاب الآنسي والدكتور ياسين سعيد نعمان والأستاذ عبدالقادر علي هلال والأستاذ يحيى الحوثي المقيم في ألمانيا والدكتور حيدر أبوبكر العطاس والرئيس الأسبق علي ناصر محمد والأستاذة جميلة على رجاء وكذلك الدكتورة جميلة الراعبي، وفي مدينة بودستون بألمانيا تم وضع اللبنة أو خارطة الطريق الأولى لمؤتمر الحوار الوطني، كما نظمنا نشاطاً آخر للإخوة الجنوبيين، حيث تمت استضافتهم في البحر الميت بالأردن .. دورنا حالياً هو تقديم الدعم المعرفي وتيسير اللقاءات للأطراف السياسية، وتأسيس ما نستطيع أن نسميه شبكة أمان للحوار الوطني خلال اللقاءات التشاورية مع الأطراف السياسية الرئيسية وأيضاً حوارات محلية على مستوى المحافظات ومحاضرات وندوات إعلامية وتقديم أوراق معرفية حول أهم قضايا الحوار الوطني.
التحضيرات للحوار
>>.. طيب أستاذ علي: ما تقييمكم للتحضيرات الجارية للحوار الوطني؟
التحضيرات الجارية للحوار الوطني تعتبر إنجازا يمنيا كبيرا بدعم ممتاز من المساعد للأمين العام للأمم المتحدة السيد جمال بن عمر ومكتبه في صنعاء وبدعم من كل الأطراف السياسية وأعتقد أن ما أنجز حتى الآن يعتبر كبيراً جداً بالرغم من الثغرات الفنية ، ولكن بشكل عام ما أنجز هو كبير جداً وحتى الآن العملية تسير بشكل إيجابي، كما أن تعيين الأمانة العامة لمؤتمر الحوار الوطني يعتبر أيضاً خطوة كبيرة لبدء التجهيز العملي لمؤتمر الحوار الوطني.
تجاوز اللا سياسة
>>.. ما هو المتوقع من الحوار الوطني؟
المتوقع من مؤتمر الحوار الوطني كثير جداً ، ولكن ليس بالضرورة أن يتحقق كل ما تتطلع إليه، الحوار الوطني سيكون بوابة أو الخطوة الأولى للعودة نحو السياسة، تجاوز مرحلة اللاسياسة .أوبا لأصح تجاوز مرحلة العنف السياسي والانتقال إلى مرحلة السياسة لمعالجة قضايا اليمن الكبيرة جداً، حيث لدينا قضايا عديدة ومتراكمة من عشرات السنين وحان الوقت لليمنيين أن يقفوا مع بعضهم البعض لمعالجة هذه الإمكانيات المتراكمة.
أهم بند ممكن أن يكون موضوع حوار هو الاندماج الوطني ومعالجة القضية الجنوبية وقضية صعدة، وبناء الدولة هو الركن الأساسي الذي من الممكن أن يخرج به هذا الحوار من خلال صياغة دستور جديد يحدد شكل الدولة وطبيعة النظام الأساسي لهذه الدولة التي نريدها.
تصريحات الجفري
>>..السيد عبد الرحمن الجفري صرح مؤخراً أنه لا أمل في الحوار الوطني .. كيف تنظرون إلى مثل هذا التصريح؟
- هذه وجهة السيد الجفري ونحترمها جداً وتقريباً هو يتحدث أنه لا أمل في الحوار بالنسبة للقضية الجنوبية، لكن هناك الكثير من القضايا التي يعول على مؤتمر الحوار معالجتها، وقد يتأخر حل القضية الجنوبية، وقد يتطلب الأمر مهارات أخرى وهذا وارد لكن لا يعني أنه لا يمكن معالجة بقية القضايا أو التعامل معها، لدنيا قضايا في صنعاء كثيرة جداً وقضايا أخرى في مختلف مناطق اليمن، وأنا أعتقد أن مؤتمر الحوار الوطني سيؤسس لآلية جديدة للتعامل مع التحديات الوطنية الكبيرة.
قضية اليمن الأولى
>>..لكن القضية الجنوبية هي قضية اليمن الأولى؟
هي قضية أساسية ضمن قضايا أخرى لكنها لا تعني أنها الوحيدة، لذلك إذا لم يتمكن اليمنيون اليوم من حل القضية الجنوبية لا يعني ذلك أن هذا هو نهاية المطاف، ستظل القضية الجنوبية محل حوار مستمر سواء في ظل هذه الجولة من مؤتمر الحوار الوطني وسيستمر التعامل معها في جولات أخرى.
صمت صنعاء
>>.. لكن هناك شحن وتعبئة في المحافظات الجنوبية للانفصال وتأخير الحل إلى جولات أخرى من الحوار سيزيد الأمور تعقيداً؟
سبب هذا الشحن هو صمت صنعاء، طالما صنعاء صامتة وتعاني من حالة الشلل السياسي والمؤسسي ممكن للجنوب وغير الجنوب أن يمارس أو يعيش حالة الشحن والاحتقان، لكن عندما تبادر النخبة السياسية في صنعاء للتواصل المباشر مع قادة النخبة السياسية في الجنوب اعتقد أنهم سيصلون إلى رؤية منطقية لمعالجة هذه الإشكاليات.
حوارات برلين
>>.. نعود مجدداً إلى الحوارات التي عقدت منذ وقت مبكر في ألمانيا والتي جمعت مختلف ألوان الطيف السياسي .. كيف كانت هذه اللقاءات؟
أولاً من المهم جداً أن تلتقي النخبة السياسية في لقاء تشاوري غير رسمي، وأعتقد لو عدنا إلى الأسماء المشاركة في هذا الحوار أو اللقاء ستجد أنها أسماء كبيرة لا يمكن تجاوزها وهي الحامل السياسي الأساسي في اليمن، إجمالاً الحوار غير رسمي لكنه وضع ما يمكن تسميته بخارطة طريق للحوار الوطني وهذا استعجل أو استحضر الآخرين للذهاب إلى مؤتمر الحوار الوطني وما كان يمكن الذهاب إلى مؤتمر الحوار الوطني لولا التقاء هذه الشخصيات مع بعضها البعض فلقاؤهم وحديثهم مع بعض اعتقد أنه كان إيجابياً بشكل كبير.
مشروع أوسع
>>.. أستاذ علي تقريباً هناك لقاءات وحوارات تتم من تحت الطاولة في القاهرة وتركيا وغيرها .. كيف تقرأون ذلك؟
هذا الأمر طبيعي جداً أن يتم مثل ذلك الحوار أو هذه اللقاءات .. الحوار الوطني ليس مجرد فعالية تعقد وخلاص انتهينا .. علينا أن نميز بين مؤتمر الحوار الوطني وبين الحوار الوطني لأن الحوار الوطني هو مشروع أوسع بكثير من مؤتمر للحوار .. والحوار هو المخرج أو البوابة التي ستمكن اليمنيين من أن يعودوا إلى مربع السياسة وأن يتجاوزوا مربع العنف السياسي الموجود حالياً وأنا بكل تأكيد متفائل بنجاح هذا الحوار بدليل تأسيسي لهذا البرنامج الخاص بدعم الحوار الوطني.
لأن مؤتمر الحوار الوطني هو الجهة الرسمية الذي تُتخذ فيه القرارات النهائية فيما يتعلق بمستقبل اليمن، لكن الحوار الوطني هو حوار شامل أوسع بكثير، لأنه حوار لكل مكونات اليمن، وبالتالي هذا الحوار يعقد بصيغة مختلفة في الداخل والخارج، في الشمال والجنوب لكل مكونات المجتمع اليمني.
تعرف كل طرف على الآخر
>>.. تمام هذا الحوار الوطني، لكن يلاحظ أن ما يتم حالياً هي حوارات شخصية لمشاريع صغيرة وليست وطنية؟
هي ليست حوارات شخصية، هي مسارات لمكونات لأحزاب ولقوى سياسية، مجمل هذه الحوارات سوف تصب في النهاية في مؤتمر الحوار الوطني، لأنه لا يمكن أن يذهب الناس إلى مؤتمر الحوار الوطني وهم متباعدون ومتناحرون لا يعرفون ما الذي عند الآخر، هذه الحوارات التي تدور حالياً على هامش مؤتمر الحوار الوطني الشامل هي تساعد على تفهم كل طرف، ما الذي لدى الآخر، ماهي رؤيته، ماهي الظروف المحيطة، ماهي قدرات ومعيقات كل طرف، لأن كل طرف من الأطراف السياسية اليوم لديه رؤى أو محددات اجتماعية ومجتمعية لا يمكن تجاوزها، وبالتالي من المهم جداً أن يتفهم كل طرف لظروف وضوابط ومحددات وفرص الطرف الآخر، وهذا ما يقوم به برنامج دعم الحوار الوطني، وهو أن تتفهم الأطراف السياسية لبعضها البعض، وأن تتعرف على آرائها وأن تشارك وتتبادل الرؤى، بالإضافة إلى التقديم المعرفي، لأن الكثير من القضايا ليس لديها معرفة كافية، نحن في البرنامج نعرض تجارب عالمية، تجارب فاشلة لتجنبها، وتجارب ناجحة للاستفادة منها، والاستفادة من التجارب الفاشلة مهم جداً حتى لا تكرر أخطاء الآخرين.
سيذهبون وقد تفهموا
>>.. يعني ذلك أن الناس سيذهبون إلى مؤتمر الحوار الوطني وقد تم الاتفاق على مجمل القضايا .. سيذهبون للتصويت فقط على القرارات الجاهزة؟
لا هناك فرق كبير بين اتفقوا وتفهموا، وهذه نضع تحتها عدة خطوط “تفهموا” هذه الحوارات التي تتم في الخارج هي ليست لاتخاذ قرارات وإنما للتفهم.
مواقف تمس البعض
>>.. لكن ماهو موجود حالياً هو صدور بيانات لقرارات أو بالأصح لمواقف محددة من هذه القضايا؟
مثل هذه المواقف هي لجس نبض، مواقف تليين كل طرف للطرف الآخر، ولكن هناك في المقابل لقاءات من أجل التفهم، هذا الحدث أو التفاعل اليمني وخصوصاً في الجنوب لم يشهده اليمن على مدى تاريخه شمالاً وجنوباً، هذه الحوارات المستمرة والحركات السياسية الواعية والناضجة لم يشهدها التاريخ، أنا أعتبر أن مايحصل حالياً في الجنوب هو الأول من نوعه في تاريخ الجنوب وقد لا تبدو أنها تسير بشكل منظم لكنها في حقيقة الأمر عملية حوارية جنوبية جنوبية، وكذلك جنوبية شمالية.
رسالة للجنوب والشمال
>>.. كيف تنظرون إلى مؤتمر التسامح والتصالح الذي عُقد مؤخراً في مدينة عدن؟
فعاليات التسامح والتصالح كانت رسالة قوية جداً للسياسيين الجنوبيين بدرجة أولى وللشماليين أيضاً، هي رسالة من المجتمع الجنوبي من الحراك من الناشطين السياسيين تقول: نحن نتوحد ونتسامح ونتصالح .. هذه رسالة قدموها وعلينا نحن أن نقرأها جيداً، هل الآخرون مستعدون لقراءة هذه الرسالة هل لديهم استعداد أن يتفهموها .. كل طرف يطرح رسالته، لذلك هل صنعاء جاهزة لتفهم هذه الرسالة، من هو السياسي الذي يريد أن يحل القضية الجنوبية حلاً موضوعياً بحيث يأخذ في الاعتبار تطلعات الشعب في الجنوب، لأنه من الصعب تجاهل هذا الفعل وهذه الحشود وبالتالي كمتابعين سياسيين نقيس حجم المشاركة الشعبية في الجنوب في 14أكتوبر ثم في الـ30من نوفمبر وأخيراً في 13يناير هل المنحنى يتزايد ويرتفع أو ينخفض، هذا المطلوب من الأطراف السياسية رؤيته وقراءته بتمعن، القضية الجنوبية قضية غير عادية، هي قضية استثنائية لذلك هي بحاجة إلى رؤية استثنائية، هل النخبة المركزية في صنعاء غير قادرة على التعامل مع هذه القضية بهذا المفهوم، لا يعني ذلك أننا نتوقف، بل يجب أن ينجز مؤتمر الحوار الوطني ما يستطيع إنجازه في هذه الجولة، ونعود في المركز إلى الشرعية الدستورية من خلال دستور جديد مؤقت أو مستمر ومن خلال انتخابات برلمانية ورئاسية، ومع هذا لا يعني نهاية الوقوف أمام القضية الجنوبية إذا لم نستطع معالجتها في هذه الجولة، لكن يظل الملف مفتوحاً ويجب أن يستمر النظر إلى هذا الملف حتى يتم معالجته.
في اليمن ثلاث مشاكل
>>.. ماهي الرؤية الاستثنائية لهذه القضية؟
في كل المجتمعات التي شهدت ثورات أو صراعات أو حروباً أهلية لديهم مشكلة واحدة وهي النظام السياسي الحالي في بلدانهم، نحن في اليمن لدينا ثلاث مشاكل أعمق من النظام السياسي، لدينا أولاً إشكالية في النظام السياسي وأيضاً إشكالية في بناء الدولة، مشكلة بناء الدولة ليست موجودة لدى التونسيين أو المصريين أو السوريين، لأن الدولة لديهم موجودة، نحن لدينا مشكلة في الهوية أو فشل وطني وهو أعمق من فشل الدولة، هناك جزء كبير من اليمن يعتبر نفسه ليس جزءاً من هذه الهوية السياسية للجمهورية اليمنية، يعتبر نفسه خارج هذه الهوية، وهذا هو الاستثناء لأنه ليس متعلقاً بالنظام السياسي.
العودة للماضي
>>..تقصد من ينادي بالجنوب العربي مثلاً؟
المنادون بالجنوب العربي، أيضاً المنادون بجمهورية اليمن الشعبية الديمقراطية، المنادون باستعادة الدولة، هذه قضية أعمق، لأنها قضية متعلقة بفشل الهوية الوطنية والاندماج الوطني، نحن لا يجوز أن ننكر أن اليمن ظلت مئات السنين منفصلة، وفي المقابل لم يحصل أو لم تبذل أي جهود كافية لتحقيق الهوية الوطنية والاندماج الوطني، وكأنه بمجرد التوقيع بين طرفين سياسيين على الوحدة كأنه كفيل بحل تراكم مئات السنين من الانفصال، وهذا غير عملي .. لذلك نحن لم نقم بما يجب كي نذهب نحو المستقبل مع كل مكونات اليمن الجديد يمن الوحدة، سُدت علينا أفق الذهاب نحو المستقبل فاضطرت كل فصيلة أو كل مكون من مكونات اليمن الوحدوي اضطر العودة إلى الماضي، وعندما نعود إلى الماضي يعود كل منا إلى تاريخه، لذلك عاد الجنوبيون إلى دولتهم، وكل مكون من المكونات الجنوبية يعود إلى المرحلة التي يشعر فيها بإنجازه لأنه مالم ندرس ونقرأ تاريخ الجنوب على مدى المائتين أو الثلاثمائة سنة الماضية حيث كان من مكون سياسي في الجنوب له علمه وهويته السياسية، الهوية الجنوبية الجامعة اليوم أصبحت أكثر قوة وحضور مما كانت عليه أيام الحزب الاشتراكي ما بعد الاستقلال وأيام بريطانيا، لم يحصل هذا الحضور للهوية الجنوبية كما هي حاصلة اليوم. الإخوان الحوثيون أيضاً عادوا إلى مرحلة الزيدية الفاعلة والمؤثرة وهناك من يعود إلى الخلافة الراشدة وهناك من يعود إلى حمير وسبأ وما إلى ذلك، وهذه العودة سببها أننا فشلنا في الذهاب إلى الأمام، لذلك نرى أن هذه المكونات تذهب للخلف .. المجتمعات لا تسير مع بعض إلا إذا كانت تسير إلى الأمام، لكن عندما تعود إلى الماضي كل طرف سيعود إلى الماضي الخاص به.
جسر للمستقبل
>>.. ما الحل إذن؟
الحل هو أن نبني جسراً بقوة كافية ينقلنا معاً إلى الأمام .. يسير الجميع فيه نحو المستقبل، وأتصور أن هذا الجسر هو الحوار الوطني، مالم نتمكن معاً من إنجاز بناء هذا الجسر الذي سينقلنا نحو المستقبل سنظل نعود إلى الماضي وإلى المجهول ويعلم الله وحده إلى أين سنصل بعد ذلك.
الخلافات السابقة
>>.. هل الإخوة في الجنوب تجاوزوا الخلافات السياسية السابقة الخاصة بعد فعاليات التسامح والتصالح؟
الجنوب مكون سياسي عاش منفصل لمئات السنين ولديهم مشاكل في الجنوب مثلما هناك مشاكل في الشمال مثل أي مجتمع آخر، وبالتالي الخوف على الجنوب من الصراع كأننا نقول لهم: إننا العقال وإننا من نحميكم من أنفسكم مالم فإنكم سوف تتقاتلون وتتصارعون لأنكم مجموعة من الحمقى، مثل هذا التفكير هو من يستفز الجنوبيين كثيراً، الجنوبيون كان لديهم دولة ودويلات من قبل مثل الشمال وعاشوا صراعاتهم مثلما عاش الشمال صراعاته، وبالتأكيد لديهم القدرة والإمكانيات لأن يحلوا مشاكلهم، هم ليسوا الطرف الأحمق أو القاصر الذي يحتاج وصاية من الشمال، إذا ظللنا نعتبر أن الوحدة هي لحماية الجنوبيين من أنفسهم هذا هو الذي سيكون السبب المباشر للانفصال، لأننا نتعامل معهم بأبوية أو وصاية وكأننا في الشمال ما شاء الله علينا لا نتصارع ولا نتقاتل مع بعضنا البعض، مالم ننتقل من تفكير عودة الجزء إلى الأصل وكأننا الأحرص عليهم ونحميهم من ذاتهم إذا لم نتجاوز هذا أقول لك: إن الجنوب سيذهب للانفصال.
وصايا القيادات السابقة
>>.. لكن هناك من يرى أن القيادات الجنوبية السابقة هي من تمارس دور الوصاية على أبناء الجنوب؟
ومن يمارس الوصاية أيضاً على أبناء الشمال أليس هم أنفسهم القيادات السابقة؟!.
>>.. القيادات السابقة بشكل عام هي من صاغت الماضي وحالياً تحاول صياغة الحاضر والمستقبل؟
هي نفسها في الشمال والجنوب، لهذا علينا أن لا ننظر بدونية واستعلاء لما يحصل في الجنوب، القيادات السابقة في الشمال وأيضاً القيادات السابقة في الجنوب هي التي مازالت تدير المشهد السياسي في اليمن.
تجاوز الخطر
>>.. هل تعتقد أن اليمن تجاوزت مرحلة الخطر أو بالأصح مرحلة الحرب الأهلية؟
حتى الآن هي لم تتجاوز .. هي الآن تعلن نوايا أو حسن النوايا من قبل الأطراف التي ستشارك في مؤتمر الحوار الوطني، ولكن ما يزال الجيش منقسماً حتى الآن ومازالت صنعاء منقسمة ومازال الصراع موجوداً ومازال التفكك موجوداً، وأقول طالما أننا لم نصل بعد إلى قناعة بأنه لم يعد لدينا بديل سوى الحوار الوطني لهذا نؤكد أن الحوار البديل المتاح العملي الحقيقي، طالما أن هذه القناعة مازالت لم تتحقق على الأرض بالتأكيد ستظل المخاطر موجودة، وهذا هو وضع طبيعي .. عندنا مقولة أو مثل وهي “أقرأ ياسين وفي يدك حجر” الناس سيذهبون للحوار، لكن ماتزال ثقافتهم أن ماهو على الأرض هو من سيحسم الأمور، وبالتالي إلى الآن لم يروا من الحوار إنجازاً حقيقياً، مازال ماهو موجود على الأرض هو الموجود حالياً، اليوم عملية إنفاذ قرارات الرئيس هادي في توحيد القرارات المسلحة وتنفيذ الخطوات الأولى لعملية الهيكلة لم تتم بعد، صحيح الأطراف السياسية تعلن تأييدها لكن في الواقع مازالت الممارسة عكس ذلك للأسف الشديد، وبالتالي هذا هو الخطر الأكبر الذي يهدد لكن في المقابل لن يستطيع أي طرف أن يحسم الأمر لصالحه .. من خلال الثورة الشبابية الشعبية بلغوا جميعاً حالة الضعف أو وجد ما نسميه توازن البعض .. الآن فقدوا أيضاً الشرعية، لا أحد من هذه الأطراف الموجودة يمتلك الشرعية الوطنية أو الإقليمية أو الدولية لحسم الأمر لصالحه.
على مضض
>>.. يعني هل هذه الأطراف ستقتنع بالحوار وأنها لن تستطيع تحقيق أي إنجاز بعيداً عن الحوار الوطني؟
هم مقتنعون بالحوار على مضض وهكذا هي طبيعة السياسة، لأن السياسة هي أن تعمل أشياء وتقبل بها على مضض.
تعليق على بن دغر
>>.. أستاذ علي تقريباً كتبت على صفحتك بالفيس بوك قبل أيام أن الوضع أخطر مما تعتقد النخبة في صنعاء ، ماذا تقصد تحديداً؟
كنت أقصد الوضع في الجنوب وذلك تعليق على ما قاله الدكتور أحمد عبيد بن دغر للحكومة، لأن الوضع في الجنوب أخطر مما تعتقده النخبة في صنعاء .. إنه بالإمكان "أن نجيب ممثلين من هنا أو نصنع حراك جنوبي هناك أو غير ذلك" نقول لهم لا، الوضع في الجنوب أخطر إذا لم نفهم رسالة التسامح والتصالح وهذا الحضور القوي تحت راية علم اليمن الجنوبي إذا لم نعِ ذلك فإن الجنوبيين سيكون لهم شبه إجماع على استعادة دولتهم إذا لم نفهم ذلك ونتعامل معه بموضوعية ونتحاور معهم مباشرة لأن نقطة الضعف التي تعيشها النخبة في صنعاء أنه لا أحد يمتلك الجسارة للتواصل المباشر مع قادة الحراك ومع قادة الجنوب في الداخل والخارج .. هذا هو نقطة الضعف لدى نخبة صنعاء، يعتقدون أنه بمقدورهم الاعتماد على الضغوط التي تمارسها الأطراف الدولية ودول الخليج على قادة ونخبة الجنوب، أقول لهم هذا لن ينفع في أي شيء.
العزل السياسي
>>.. لماذا؟
أقول لك لماذا، لأن الشارع الجنوبي والنخبة الجنوبية ليس لديها ما تخسره، الأطراف الدولية تستطيع تصادر أصولاً أو تجمدها وما إلى ذلك، لكن الناس في الشارع ماذا سيصادرون عليهم، أقصد ما يمكن أن تعمله الأطراف الدولية هو ما يتمناه الجنوبيون أن يعزلوهم سياسياً، وهذا هو ما يمتناه الجنوبيون أو الحراك الجنوبي لأنه ليس لديهم تطلع للمشاركة في العملية السياسية في صنعاء، وبالتالي إذا ارتكبت الأطراف الدولية هذا الأمر سيكون خطأً كبيراً.
الانقسام أبرز التحديات
>>..ماهي التحديات التي مازالت موجودة حالياً؟
التحديات الرئيسية التي مازالت موجودة هي الوضع الحالي في المركز في صنعاء .. هذا الانقسام الموجود بين الأطراف في صنعاء انقسام سياسي وانقسام عسكري وعدم قبول الأطراف السياسية ببعضها البعض .. المؤتمر الشعبي العام بأجنحته والإصلاح بمكوناته والحوثيون اليوم لاعب أساسي في المعادلة السياسية الموجودة وأي محاولة لعدم التعامل معهم كما هم يمثل أيضاً تهديداً على المستوى المركزي، بعدها تأتي القضية الجنوبية، الإخوة في الجنوب لم يشعروا أن هناك تعبيراً من فشل الاندماج الوطني، وليس فقط فشل الدولة أو فشل النظام السياسي، ما يشهده الجنوب هو تعبير عن فشل الهوية والاندماج الوطني.
دور الحزب الاشتراكي
>>.. هل الحزب الاشتراكي اليمني قادر على لعب دور الوسيط بين نخبة صنعاء ونخبة الجنوب؟
لا يستطيع الحزب الاشتراكي بمفرده عمل ذلك على المؤتمر الشعبي العام والإصلاح تحديداً، محتاجين أن يتواصلوا مباشرة مع الأطراف في الجنوب لمعالجة المشاكل الموجودة.
الجسارة مفقودة
>>..تقريباً الثقة مفقودة وبالتالي هذا الأمر فيه صعوبة؟
الثقة مفقودة لكنهم كيف تواصلوا قبل الوحدة، أين الجسارة التي كانت لدى علي عبدالله صالح في 89م وفي 90م أن يذهب إلى عدن ويطرح قضية الوحدة، أين ذهبت هذه الجسارة اليوم سواء عند الإصلاح أو المؤتمر الشعبي العام.
لهذا أتصور أن عليهم أن يتواصلوا مباشرة مع علي سالم البيض مع العطاس مع علي ناصر مع قادة الحراك الجنوبي في الضالع وفي ردفان وفي أبين وفي عدن وفي حضرموت ويتحدثون عن كل هذه الإشكاليات، لماذا هذا الإحساس بالفشل، لأن هذا الشلل مميت.
توتر في البداية
>>.. نعود مجدداً إلى حوار برلين .. كيف كان لقاء هلال والآنسي مع العطاس خاصةً أن لهم سنوات عديدة من الفراق؟
كان في البداية هناك توتر ولكن عندما بدأوا في الحديث وجدوا أنفسهم يتحدثون بشكل طبيعي على طاولة واحدة وتوصلوا إلى مرجعية واحدة وإلى نتائج مهمة بمجرد أنهم تواصلوا وتحدثوا مع بعضهم البعض.
التواصل المباشر
>>.. لماذا لا تحاولون جمع هذه النخب السياسية مجدداً؟
إذا لم تكن لديهم الإرادة للتواصل من الصعب أن تجمع الناس لأنه انتهت مرحلة الوساطات بين الأطراف السياسية في الشمال والجنوب، عليهم أن يتواصلوا مباشرة، والجنوبيون هم الذاهبون بعيداً، لم يتواصل معهم أحد، وهذه مسؤولية كبيرة هي مسئولية وطن يبحث فيها عن واسطة، هذا لا يصح، فإذا كنت لا أستحق منك أن تسعى وتتواصل معي مباشرة فماهي القضية الأخرى التي سوف تسعى من أجلها.
علي محسن واليدومي
>>.. هل تعتقد أن الحوار حول القضية الجنوبية سيتم في الخارج؟
بغض النظر أين سيتم، هناك شكلان للحوار .. التواصل المباشر خارج آلية مؤتمر الحوار الوطني، وأيضاً مؤتمر الحوار الوطني، أنا أقول: إن القضية الجنوبية اليوم تحتاج إلى تواصل خارج آلية وهيكلية مؤتمر الحوار الوطني، هي تحتاج إلى جسارة من قادة سياسيين للتواصل، تحتاج مثلاً أن يذهب علي محسن الأحمر لمقابلة علي سالم البيض وعلي ناصر محمد ، أيضاً لماذا لا يذهب اليدومي وغيرهم من القادة السياسيين لأن هذه مسؤولية وطن.
القرارات الرئاسية الأخيرة
>>.. كيف تنظرون إلى قرارات الرئيس الأخيرة الخاصة بإعادة هيكلة الجيش وأيضاً قرارات تشكيل لجان معالجة قضايا الأراضي وأيضاً المبعدين من وظائفهم في الجنوب؟
الهيكلة هي القضية الأساسية والمحورية أما تشكيل لجنتي الأراضي والمبعدين من وظائفهم فأعتقد أن القرار الخاص بها هو قرار إداري.. لأن قضية مشاركة الجنوبيين في الحوار أكبر بكثير من قضية تشكيل هذه اللجنة أو تلك، قضية لجنة الأراضي مكونة من مجموعة من القضاة متخصصين في الأمور الشرعية بينما قضية الأراضي في الجنوب أكثر تعقيداً، لأن الجنوب كلها مثل عدن اشترتها بريطانيا وانتقلت من ملكية الدولة البريطانية إلى ملكية الدولة الجنوبية، أضف عليها المنشآت التي أنشأتها بريطانيا كقاعدة في عدن، وموظفوها بريطانيون، أضف عليها ما أممته حكومة الاستقلال وما قامت حكومة الاستقلال بإنشاذه وهي عقارات كثيرة، كل ذلك يجعل ما في عدن ملكاً للدولة، يعني الأراضي في الجنوب والعقارات التي أعطيت لشخصيات نافذة من خارج الجنوب أو حتى لبعض الجنوبيين ليست ملكية خاصة لأشخاص جنوبيين وإنما هي ملكية الدولة ينطبق عليها ما يمكن تسميته بالتمكين الانتقالي التعسفي للقانون، رئيس الجمهورية في القانون عنده حق بصرف أراضي الدولة، لكن لماذا يصرفها لـ "سين أو صاد" من صنعاء ولا يصرفها للجنوبين أنفسهم!!، هذا حسب القانون على سبيل المثال بيت علي سالم البيض نجد أن الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر بيده أمر من الرئيس السابق علي عبدالله صالح بتمليكه البيت ودفع حوالي مائتين وستين ألف ريال يمني عداً ونقداً واستكمل كل الإجراءات الخاصة بالتمليك، عندما يأتي القاضي المتخصص في المواريث الشرعية سيجد أن كل الخطوات صحيحة ولكن هل يستطيع أن يسأل بأي حق يحصل الشيخ عبدالله على هذا المنزل، لماذا الشيخ عبدالله دون غيره من الناس وهل المائتان والستون ألف ريال هي القيمة الحقيقية لهذا البيت أو القصر بالنسبة للشيخ عبدالله وورثته "أولاده" بوثائق شرعية، والقاضي لن يستطيع أن يجد حلاً لهذا الموضوع، لأن هذا يحتاج إلى حل سياسي لأن ما تم هو تنفيذ انتقائي تعسفي للقانون، وبالتالي علي عبدالله صالح مارس حقه القانوني في التصرف بعقارات وأملاك الدولة بصورة انتقائية تعسفية وغير وطنية، بصورة تخلق مشكلة ولا تحل مشكلة، لكن القاضي الشرعي لا يعنيه ذلك كذلك الموظفون منذ 94م وهم في بيوتهم، اللجنة تعتبرهم خدمة وهي ليست خدمة، هو جالس في بيته يفترض أن يتم مقارنته بالموظف الذي يستمتع بكل مزايا الوظيفة العامة حتى اليوم وهو في السبعين من عمره والجنوبي يطبق عليه القانون وهو في بيته لأنه بلغ أحد الأجلين، بينما هناك ناس آخرون في المركز مر عليهم أحد الأجلين “بالمحدش” كما يقول المثل ولم يتم تطبيق أحد الأجلين عليه، هذا هو التمييز، هناك قادة ألوية من المهد إلى اللحد، لذلك هذه القضايا بحاجة إلى قرارات سياسية لمعالجة هذه الإشكالية وتعامل جاد من قبل الدولة.
لا أدافع عن الحوثيين والنظام السابق
>>..البعض يرى أنك تدافع عن النظام السابق وعن الحوثيين .. كيف ترد على ذلك؟
أنا لا أدافع عن أحد ولا أدين أحدًا، أنا أدافع عن التنمية السياسية والتوافق والاندماج الوطني للذهاب نحو المستقبل.. من يذهب معي في بناء الدولة اليمنية أنا معه بالتأكيد، ومن يعرقل بناء الدولة والاندماج الوطني فأنا انتقده وأقف ضده.
متفائل بالمستقبل
>>..هل أنتم متفائلون بمستقبل اليمن؟
بالتأكيد متفائل ولولا ذلك التفائل ما كنت حالياً جالساً معك أو نجري هذا الحوار، ولكنت أسست مكتباً لتنمية السياسة في أي بلد أوروبي وهذه الفرصة متاحة أمامي لعلاقاتي الدولية سواء في برلين أو واشنطن أو لندن أو غيرها وذهبت اتفلسف من هناك لكني باقٍ في صنعاء وسأبقى فيها وسأعمل كل شيء من أجل تطور وتنمية سياسية واندماج وطني في اليمن.
2014م نقطة تحول
>>..أخيراً أستاذ علي وقد أخذنا من وقتك الكثير كيف تنظر إلى اليمن في العام القادم 2014م؟
سيكون اليمن في العام 2014م أفضل مما هو عليه اليوم، ولكن ليس بالصورة المثالية وإنما سيكون 2014م نقطة للتحول نحو الشرعية الدستورية ستكون اليمن قد خرجت من الشرعية الانتقالية والوثيقة أو المبادرة الخليجية .. هذه المبادرة التي تحكمنا اليوم سنكون قد خرجنا منها إلى الشرعية الدستورية ولكن لن نحل كل المشاكل، ولكن سنكون قد أسسنا مدخلاًَ وفرصة للوقوف أمام التحديات التي تواجه الوطن.
*نقلا عن صحيفة الجمهورية