منذ انطلاقته الأولى ظل الحراك السلمي الجنوبي متهما بالعمالة لخارج ما، وقد جرى اختيار إيران نظرا لعلاقتها بالحوثيين ولوجود بعض القيادات الجنو بية في بيروت وكأن بيروت لا أحد فيها إلا أنصار إيران وليست ملتقى لكل التيارات اليمينية واليسار ية والوسطية والمتطرفين والمعتدلين. ومع الغزو الثاني للجنوب ( مارس ٢٠١٥م) تحول الحراك الجنوبي السلمي إلى مقاومة مسلحة شهد لفعلها القاصي والداني تمكنت بالتلاحم مع العسكريين المستبعدين منذ ١٩٩٤م (ومعظمهم قيادات فاعلة في ثورة الحراك السلمية) وقوات التحالف العربي من التصدي للمشروع الإيراني وحلفائه وإلحاق بهم أكبر هزيمة في المنطلقة العربية منذ بد هذا المشروع الطائفي المقيت مطلع الثمانينات من القرن المنصرم، ومع كل ذلك بقيت تهمة العمالة لإيران ملتصقة باسم الحراك الجنوبي وهو يلقن أزلام إيران الدروس القاسية يوما إثر يوم، بغباء متناه لم يجد أعداء القضية الجنوبية حجة أخرى ليلفقوها على فصائل وقوى الثورة الجنوبية فذهبوا في الاتجاه الخطأ لاختيار تهمة العمالة لإيران معتقدين أن جمهور الحراك الجنوبي لا يسمع ولا يرى او انهم يخاطبون كائنات على كوكب آخر لا صلة له بالأرض إلا عبرهم. اليوم تخوض قوى الثورة الجنوبية معارك التحرير في كتاف والبقع وفي ذباب والمخا وطريق الخوخة وتلحق الهزيمة تلو الأخرى بركائز المشروع الإيراني بينما ما يزال القاعدون في فنادق السبعة نجوم يتهمونها بالعمالة لإيران. ويبدو أنه حتى لو وصلت قوى الثورة والمقاومة الجنوبية إلى صنعاء وأعادت الهاربين إلى مساكنهم سيظلون يتهمونها بالعمالة لإيران بينما هم يعلمون أن نقطة الخلاف مع قوى الثورة الجنوبية لا علاقة لها لا بإيران ولا بالمشروع الخميني هم يكذبون ويعلمون أنهم يكذبون ويعلمون أننا نعلم انهم يكذبون لكنهم يحاولون تحريض الأشقاء في دول التحالف العربي ضد الجنوب والقضية الجنوبية معتقدين أن هؤلاء الأشقاء لا يعلمون بالحقائق على الأرض. هذا السلوك الأحمق يكشف أن هؤلاء لم يتعلموا ولن يتعلموا من تقلبات الزمن ودروسه فما يزالون ينظرون إلى الجنوب بعيون ٧/٧ /١٩٩٤م ولم يتعظوا مما جاء لهم به الزمن من عبر يجدر بهم استلهامها وإعادة صياغة سلوكهم في ضوئها. لم تعد تهمة الانفصالية تنفع هؤلاء لأنها في الجنوب صارت مصدر اعتزاز للغالبية العظمى بعد ان صار الوحدويون هم اللصوص وناهبي الثروات وتجار الوظائف ومغتصبي السلطة والحقوق المدنية لذلك يمارس هؤلاء بغباء تهمة العمالة لإيران تجاه أشرف وأشجع وأنزه وأنقى من تصدوا للمشروع الإيراني. الخلاف بينهم وبين الجنوب ليس بسبب إيران وكثيرون منهم قد كانوا يتحضرون لزيارة طهران بعد سقوط صنعاء لولا عاصفة الحزم التي فتحت لهم بابا جديدا للرزق. خلافهم مع الجنوب هو حول استمرار احتلال الجنوب ونهب ثرواته والتحكم بمصير ابنائه حتى وهم خارج ديارهم ومقر إقاماتهم. والطريف في الأمر أنهم وهو يدعون مؤازرة الشرعية ومواجهة الانقلاب يلتقون على نفس الخطاب تجاه الجنوب مع الانقلابي رقم واحد في ادعاء الطهارة والوطنية والدفاع عن (الثورة) و(الجمهورية) و(الوحدة اليمنية) وهذا ليس غريبا لأنهم شركاء في نهب ثروات الجنوب وتدمير دولته وإقصاء أبنائه وتزييف تاريخه ولم يتغيروا وللأسف لن يتغيروا رغم تغير كل شيء في هذا البلد..