نشر رئيس تحرير صحيفة عدن الغد " فتحي بن لزرق " قصة مؤلمه لقيادي في المقاومه شارك في كل جبهات القتال وتم مكافئته بالجحود والنكران .
ولاهمية هذه القصه المؤلمه ينشرها "عدن اليوم " كما نشرت على صفحة الزميل فتحي بن لزرق في الفيسبوك :
رن جرس هاتفي قبل شهرين من اليوم كنت أقود سيارتي على طول الخط البحري وكانت الساعة تقترب من الخامسة مساء ، الأجواء باردة والشمس تستعد لتقبيل جبال البريقة قبل رحيلها .
كان الرقم غريبا تأملته لبعض الوقت ومن ثم رددت على الاتصال.
- الو ..
- فتحي بن لزرق ؟
- نعم حياك الله من معي ؟
- معك زيد الكهالي قيادي في المقاومة ...ممكن أشوفك ؟
- نعم يمكنك ذلك .. نلتقي العاشرة صباحا بمكتبي في صحيفة "عدن الغد".
اليوم التالي :
الساعة العاشرة صباحا طرق باب مكتبي رجل في الثلاثينات من عمره برفقة بعض أصدقائه
كان يحمل بندقية آلية وتبدو عليه اثار تعب طويل ، جلس على الكرسي المقابل والتقط أنفاسه قليلا
سألني : هل عرفتني ؟
قلت له : أخبرتني باسمك (زيد الكهالي)
قال - نعم .. هل تعرف من هو زيد الكهالي ؟
- قلت سمعت بك لكنني لا اعرف الكثير عنك؟
قال : هل ستصدقني ان حكيت لك من انا ؟
قلت :" بإذن الله أصدقك..
صمت طويلا والتقط أنفاس أخرى وبدأ وكأنه ينزع شيء ما من داخل روحه .
كرر مرة أخرى قائلا :" أخشى ألا تصدقني لكنني سأحدثك .. انا واحد من قيادات قليلة قادت العملية الأمنية في المنصورة حينما حررت من القاعدة قبل أكثر من عام من اليوم .
- قلت له :" وماهي قصتك يازيد؟
هز رأسه وبدا يحكي قصته قال زيد :" قصتي ياصاحبي إنني شاركت في الحرب الأخيرة في كل الجبهات برفقة العشرات من فرقتي وحينما انتهت الحرب واصلنا مشوارنا في جبهات اخرى وكنا نرى "عدن" والمنصورة وهي تسقط بيد القاعدة وكان يؤلمنا ان ينتهي مصير مدينتنا إلى هذه الحال .
يكمل زيد حديثه بالقول :" حينما أعلن التحالف العربي نيته تحرير مديرية المنصورة من القاعدة تخاذلت القيادات وهربت وكل قيادي أدار ظهره وهرب وقال :" ليس لي دخل شوفوا غيري وأخر قال مش منطقتي وثالث قال لن نقاتل احد.
انبرينا يافتحي يومها انا والشباب اللي معي وجلهم من ابناء عدن وقلنا نحن لها وكنا أول من قاد الهجوم من جولة كالتكس حتى أخر يوم من تحرير المنصورة وكنا لانزيد على 40 شاب من شباب الجنوب وعدن .
قلت له :" وما مشكلتك يازيد اليوم؟
قال :" الخذلان يافتحي وقهر الرجال نحن من حرر المنصورة ونحن من استبسل واليوم انا ومعي نبحث عن لقمة العيش فلانجدها ، صمدنا يافتحي وتقدمنا الصفوف وقدمنا عدد من الشهداء واليوم لابواكي لنا ولا التفات طرقنا كل الابواب ،اتصلنا بلا فايدة.
كان زيد" ابن يافع البطلة" احد قلائل قيادات شابة لم تبحث يوما عن الأضواء ولا عن المناصب ولا عن الهبات واسترجل حينما ضعف كثير وجبنوا .
قال زيد انه ومنذ أشهر طويلة جدا لم يتسلم مرتبه وانه فوجئ بان مرتبه ومرتب الشباب الذين خاضوا معركة البطولة في المنصورة قطعت وسحب كل شيء من أيديهم هكذا دونما موعد .
كان "زيد" محبطا للغاية .
قلت له :" ما الذي يمكن لي فعله لكم؟
قال :" تواصل إذا كان لك تواصل بالقيادات بالتحالف بغيره فما يحدث لنا أمر لايرضي الله ولا رسوله .
وعدت زيد ان ابذل جهدي بهذا الخصوص وأرسلت رسائل عدة لأشخاص اعتقدت انه يمكن لهم فعل شيء !! ..
غادر يومها "الكهالي" وفكرت ان اكتب قصته على صفحتي هذه ،قصة بطل تحرير المنصورة الذي لم يوفى له حقا ولم تنصف له تضحية .
البطل ابن "يافع" الذي لايعرف الناس عن تضحياته وزملائه شيء .
البطل الذي تنعم الناس اليوم بأمن كان مشاركا في صناعته.
قلت لزيد :" صبرا يازيد وبالله المستعان ..
غادرت إلى الرياض قبل حوالي شهر بدعوة سعودية وفي الرياض دعاني القيادي في المقاومة "مختار الرباش" إلى العشاء بالفندق الذي يقيم فيه .
على العشاء طلبت من "الرباش"ان يحكي لي قصة تحرير المنصورة
قلت لمختار :" يامختار قصة تحرير المنصورة لايعرف كثير من الناس عنها شيء لماذا لاتكتبوها إنصافا للتاريخ .
وعلى العشاء بدأ مختار يحكي بصفة احد ثلاثة قيادات إدارات المعركة تفاصيلها وجاء في حديثه على ذكر "زيد الكهالي".
قلت له توقف هنا ولاتكمل .. هذا الرجل زارني إلى مكتبي وقال انه احد القيادات التي قادت معركة تحرير المنصورة.
هز "الرباش" رأسه موافقا وقال :" نعم زيد الكهالي بطل من أبطال تحرير المنصورة وهو من قبل ان ينشر أفراده فوق العماير ويكونوا القوة الأولى التي هاجمت لتحرير المنصورة.
قلت يامختار :" وتعرف وين زيد اليوم؟
قال :" لاوالله
قلت :" يامختار زيد اليوم همشوه وقطعوا راتبه وسحبوا سلاحه وطرق كل الأبواب دونما فائدة .. قليلا من الإنصاف لهذا الرجل لوجه الله .
أبدى الرباش أسفه للمصير الذي آل إليه مصير "الكهالي".
هذا المساء كتبت للكهالي إنني التقيت الرباش وان الرباش أثنى على شجاعته واستتئذن زيد الكهالي ان اكتب عنه .
في وطني يوجد العشرات من الأبطال أمثال الكهالي ممن ينتظرون "الإنصاف"
كان "الكهالي" الرجل الشجاع في لحظة الخذلان والجبن .
كان"الكهالي"ورفاقه أوفياء في لحظة فارقة في تاريخ "عدن" لن ينساها أبنائها ابدا.
يشبه "الكهالي" إلى حد كبير عطاء يافع ، العطاء الذي لاينتظر مقابل من احد ..
انا فتحي بن لزرق احد مواطني مديرية المنصورة الذين عاشوا رعب لأشهر طويلة وبسبب تضحيات الكهالي ورفاقه أجدني مجبرا ان اكتب لأجل إنصاف هذا البطل ..
أنصفوا هذا البطل الذي كان سبب لأمننا
أنصفوا هذا البطل واصرفوا مرتبه ومرتبات رفاقه