حتى مضيق باب المندب، ثاني مضيق استراتيجي في العالم، حولته إيران وذراعها الممتدة في اليمن الى مضيق طائفي، الى مضيق شيعي!
قال سعيد قاسمي، القيادي في الحرس الثوري الايراني، في تصريحه المتداول منذ أمس في القنوات ووسائل التواصل الاجتماعي:
“حتى قبل سنوات، من كان يظن بأن مضيق باب المندب، الذي يعتبر ثاني مضيق استراتيجي في العالم، سيقع بيد الشيعة؟!”
ثم سأل محاوره بزهو: “أنت بنفسك، هل كنت تتخيل هذا؟!”.
وأضاف موضحا (بحسب الترجمة المرفقة بالتصريح المتلفز):
“الشيعة الأقزام اليمنيين الذين يتأزرون بفوطة ويضعون خنجرا على خصورهم، والذين أسميهم أنا شيعة شوارع، والذين لم يكونوا مثل اللبنانيين: ليسوا بمتمكنين ولا متحضرين، وحتى ليسوا جميلين، وحتى لا يقارعوا الاوروبيين.. شيعة الشوارع هؤلاء سيطروا على مضيق باب المندب، إنه لانتصار كبير”.
النقطة التي ركز عليها كثيرون في تصريح سعيد قاسمي تمحورت حول الأوصاف التي أطلقها على الحوثيين ذراع إيران الممتدة في اليمن، ونظرته لهم، في الفقرة السابقة. وهي أوصاف ونظرة قد تحاول القنوات الدبلوماسية والاعلامية الايرانية نفي مقاصد الإهانة والتحقير فيها من خلال الحديث عن تحوير لمقاصد المتحدث الايراني، ومن خلال الحديث عن تحريف متعمد لسياق الكلام، لكن سياق كلام القيادي الايراني كله كان يصب جملة وتفصيلا في مصبّ اهانة وتحقير الحوثيين واليمن عموما.
ربما لم يطلق سعيد قاسمي على الحوثيين تلك الأوصاف قاصدا إهانتهم وتحقيرهم بشكل مباشر، وقد تكون هناك مواضع تحريف في الترجمة لا نعلمها بعد، لكنه أهان الحوثيين وحقّرهم وأهان وحقّر اليمن على الأقل من حيث تعمّد إظهار أن من سيطر على مضيق باب المندب ليس هم وليست أية قوة يمنية أخرى، بل إيران.
فالرجل تحدث عن الحوثيين باعتبارهم “شيعة شوارع” أو “متشردين” وذوي أحجام صغيرة يأتزرون بالفوطة ويضعون الخناجر على خصورهم وليسوا متمكنين ولا متحضرين ولا جميلين مثل اللبنانيين، وتفهم من كلامه أن أناسا بهذه الأوصاف والصفات لا يمكنهم السيطرة على مضيق بحجم مضيق باب المندب بأنفسهم على الإطلاق.
وهذا ما أوضحه جيدا في الفقرتين التاليتين:
“الكل يعلم هذا، ومن يفهم العسكرية ووضعت أمامه خريطه، وقلت له بأن هذه المنطقة سقطت في أيدينا في العام الماضي (ركزوا على سقطت في أيدينا)، سيفهم حجم هذا العمل (وركزوا على: سيفهم حجم هذا العمل). هذا النصر لا يقاس بفتح المحمرة وتحريرها من الجيش العراقي ولا عملية الفتح المبين، إنه أكبر”.
ثم أوضح أكثر:
“جيد من أجل المراوغة أن نقول: نحن لم نتدخل في هذا الأمر، بل هؤلاء مجموعة يمنيين سيطروا على المضيق، ونحن ليس لنا دخل بهذا، الحوثيون هم الذين سيطروا وليس نحن. لكن من الذي لا يعرف الحقيقة؟”.
ثم أوضح أكثر فأكثر:
“عندما يأتي جرحاهم وتعالجهم في مستشفى بقية الله. وسعيد قاسمي (يتحدث عن نفسه) يلتقط معهم صور سيلفي ويأخذهم هنا وهناك ليتحدثوا عن تجربتهم.. عفوا، أنتم واليمن؟!”.
نعم، من ذا الذي لا يعرف الحقيقة يا سعيد قاسمي؟
أنتم من سيطر على مضيق باب المندب وليس “مجموعة يمنيين”، نسميهم بالحوثيين، ويسمون أنفسهم بأنصار الله وتسميهم أنت بشيعة الشوارع، وتصفهم بالأقزام وغير المتمكنين وغير المتحضرين، ليس هؤلاء من سيطروا على ثاني مضيق استراتيجي في العالم، بل أنتم.
عفوا يا سعيد قاسمي، ليس الحوثيون ولا اليمن ولا السعودية من سيطروا على مضيق باب المندب، بل أنتم الذين ما تزالون تستخدمون زينب في السيطرة على مضيق استراتيجي عمره ملايين السنين وتدمير بلد عريق تضرب جذوره في أعماق التاريخ.
بدأ سعيد قاسمي تصريحه المتداول بالقول:
“لو كتبت وصيتي الآن لكتبت فيها يا ربي كنت أتمنى أن لا أهدر يومي هذا، كنت أتمنى أن أكون في اليمن في هذه اللحظة التي نتحدث فيها”.
وتابع:
“أن تكون بجانب حرم السيدة زينب (في سوريا) لهو توفيق لكل واحد، لكني أرى بأن باب المندب هو جزء من الدفاع عن حرم زينب”!
هكذا، وبكل بساطة، يتحول ثاني مضيق استراتيجي في العالم في عين الطائفي الى جزء من الدفاع عن ضريح!