أحكمت القوات الحكومية اليمنية الجمعة سيطرتها بالكامل على مدينة المخا في جنوب غرب اليمن بعد أسابيع من المعارك مع الحوثيين، في تطور ميداني يعطي زخما جديدا لحملتها الهادفة إلى استعادة المناطق الواقعة على البحر الأحمر.
وقال المتحدث باسم قيادة المنطقة الرابعة محمد النقيب لوكالة فرانس برس "انتهينا من معركة المخا والميناء تماما"، مضيفا "تم دحر ’المتمردين‘ (الحوثيين) منها وأجبروا على الفرار إلى منطقة يختل شمالا على بعد خمسة كيلومترات".
وأكدت مصادر عسكرية أخرى في القوات الحكومية الموالية للرئيس المعترف به عبد ربه منصور هادي "إحكام القوات الحكومية السيطرة الكاملة على مدينة المخا بعد نحو ثلاثة أسابيع من المعارك مع ’المتمردين‘".
ويسيطر الحوثيون المدعومون من طهران على مناطق واسعة في شمال ووسط وجنوب اليمن، بينها العاصمة صنعاء. وتسعى القوات الحكومية بمساندة تحالف عربي عسكري بقيادة المملكة العربية السعودية إلى استعادة هذه المناطق.
وبدأ النزاع الأخير في 2014، وسقطت العاصمة صنعاء في أيدي الحوثيين في أيلول/سبتمبر من العام نفسه. وشهد النزاع تصعيدا مع بدء التدخل السعودي على رأس تحالف عسكري في النزاع في آذار/مارس 2015 بعدما تمكن الحوثيون من السيطرة على أجزاء كبيرة من البلد الفقير. وساعد هذا التدخل القوات الحكومية في طرد الحوثيين من مناطق عدة بينها مدينة عدن في الجنوب التي تحولت إلى عاصمة مؤقتة.
ومنذ السابع من كانون الثاني/يناير، تشن القوات الحكومية مدعومة بطائرات وسفن التحالف العربي، هجوما قرب مضيق باب المندب الإستراتيجي، في عملية أطلق عليها اسم "الرمح الذهبي". وهدف العملية طرد الحوثيين من المناطق المطلة على البحر الأحمر على ساحل يمتد بطول نحو 450 كلم، وبينها المخا قبل التقدم نحو الحديدة ومنطقة ميدي القريبة من الحدود السعودية.
لكن للعملية هدف سياسي أيضا، حسب وزير الخارجية عبد الملك المخلافي الذي قال لفرانس برس بعيد انطلاق الحملة، إن "تحريك العملية العسكرية أمر حتمي من أجل إعادة إحياء المسار السياسي" المجمد رغم مبادرات السلام التي أطلقتها الأمم المتحدة.
وفي 23 كانون الثاني/يناير، استعادت القوات الحكومية ميناء المخا بعد أكثر من أسبوعين من استعادتها بلدة ذباب، واتجهت نحو وسط المدينة لتخوض فيها معارك ضارية مع الحوثيين الذين أبدوا مقاومة شرسة في مواجهات قتل فيها نحو 400 مقاتل من الطرفين.
وبحسب مصادر طبية، قتل في آخر المعارك في شمال المخا ستة من المتمردين المتحالفين مع مناصري الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وعنصران في القوات الحكومية.
نحو الحديدة
ويتوقع أن تتوجه القوات الحكومية نحو الحديدة بعيد سيطرتها على المخا.
وقال النقيب إن القوات الحكومية بدأت تحضر "لمرحلة ثانية من معركة الساحل، هي التقدم نحو مناطق جديدة في الحديدة"، بينما أشارت مصادر عسكرية إلى أن مقاتلات التحالف العربي "قصفت بكثافة" في الساعات الأخيرة مواقع للحوثيين في مناطق عدة في الحديدة.
وذكر سكان في الحديدة أن الحوثيين اعتقلوا ستين شخصا خلال اليومين الماضين في المدينة بتهمة موالاة الحكومة.
وفي نهاية كانون الثاني/يناير، قتل بحاران سعوديان في هجوم شنه الحوثيون ضد فرقاطة سعودية غرب ميناء الحديدة قبالة اليمن.
وبعيد الحادث، قال مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية إن البحرية أمرت بنشر مدمرة قبالة سواحل اليمن ردا على الهجوم، موضحا أن "يو إس إس كول" التي تدير العمليات في الخليج، تتمركز الآن في منطقة باب المندب.
وقتل في النزاع اليمني أكثر من 7400 شخص بينهم 1400 طفل، وأصيب نحو 40 ألف شخص آخر بجروح، بحسب أرقام الأمم المتحدة.
وتسبب النزاع بتدهور الأوضاع الإنسانية والصحية بشكل كبير لنحو 26 مليون يمني. وبات أكثر من ثلثي السكان محرومين من الحصول على العناية الطبية اللازمة، ويصعب الوصول إلى الغذاء.
الأمم المتحدة تحذر من تدهور الوضع الإنساني بسبب قصف التحالف
ووجهت الجمعة ثلاث وكالات تابعة للأمم المتحدة نداء من أجل تقديم مساعدة عاجلة لتجنب حصول "كارثة".
و قال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان اليوم الجمعة إن التحالف كثف ضرباته الجوية على ميناء الحديدة وهو ما قد يحاصر المدنيين ويعرض العملية الإنسانية الرامية لاستيراد الإمدادات الحيوية للخطر.
وقالت وكالة أنباء الإمارات (وام) يوم الثلاثاء إن قوات موالية للحكومة اليمنية مدعومة بتحالف دول الخليج العربية سيطرت على مدينة المخا المطلة على ساحل البحر الأحمر والتي خضعت لسيطرة المقاتلين الحوثيين لعامين. جاء ذلك في إطار حملة تمهد الطريق للتقدم صوب مدينة الحديدة التي تضم الميناء الرئيسي في البلاد.
وقال روبرت كولفيل المتحدث باسم حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في مؤتمر صحفي في جنيف "حوصر المدنيون خلال القتال (في المخا).. ثمة مخاوف حقيقية من أن يكرر الوضع نفسه في ميناء الحديدة حيث تتصاعد الضربات الجوية على ما يبدو".
وحذرت دراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي اللذان يتخذان من روما مقرا، ومنظمة يونيسف من أن 17,1 مليون يمني من أصل 27,4 مليونا، يجدون صعوبة في تأمين الغذاء.
ومن أصل هذا العدد، يحتاج 7,3 ملايين إلى مساعدة غذائية عاجلة، بزيادة ثلاثة ملايين عن صيف 2016، كما أعلنت الوكالات الثلاث في بيان مشترك.
ولفتت الوكالات إلى أن نسبة سوء التغذية بلغت مستوى "حرجا" إذ باتت تطال أكثر من 15% من السكان في أربع محافظات هي أبين وحضرموت وتعز والحديدة.