هاجم زعيم الحوثيين، في خطاب مطول له، أمس، حزب الإصلاح، وقيادات أخرى موالية له، بعد يوم واحد من دخول سلاح الجو في المواجهات الدائرة بين الحوثيين وقوات عسكرية من اللواء 310 وموالين له من حزب الإصلاح، في الوقت الذي أعقب الخطاب اشتباكات ضارية أسقط الحوثيون فيها مدينة عمران، واستولوا على المجمع الحكومي، وحاصروا منزل المحافظ، الذي دارت حوله اشتباكات.
وقال عبدالملك الحوثي، في كلمة بثتها قناة "المسيرة" التابعة لجماعته، إن "العدوان على أبناء محافظة عمران، تشترك فيه وحدات من الجيش، البعض منها ولاؤه مباشر لعلي محسن الأحمر، وقادتها محسوبون لصالح حزب الإصلاح. هذه الوحدات العسكرية التي تشترك في العملية، هناك البعض منها هكذا هو حاله، والبعض لا، البعض بقرار أو ربما توجيهات أو ربما ضوء أخضر من جهات عليا".
واعتبر الحوثي أن اللواء "علي محسن الأحمر يتحرك كرئيس للرئيس، وموجه للرئيس، وضاغط على الرئيس، وليس له صلاحيات تخول له التدخل لتوجيه وحدات الجيش بالتحرك ضد أي طرف، وتسليح أطراف من مخازن الجيش، وتمويلهم من خزينة الدولة". معتبرا أن "محسن" يستحق المحاكمة، "وكان يجب أن تتم محاكمته".
وتحدث عن أن "الرئيس وعد بإجراء تغييرات في محافظة عمران، استجابة لمطالب أبنائها من مختلف الأطراف، ثم اعتذر بحجة أن عليه ضغوطاً". وقال إن "توريط الجيش في الحرب فيه مؤامرة على الجيش وعلى الوطن. أبناء عمران تحركوا سلمياً وحضارياً عبر تظاهرات، فقمعوا وقتلوا، ومنعوا من الدخول الى المدينة، واعتصموا على مداخلها، فضربت مخيماتهم، وقتلوا على أبوابها".
واتهم زعيم الحوثيين حزب الإصلاح بالارتباط بالقاعدة وعناصرها، وقال إنهم "تخرجوا من مدارس ومعاهد إصلاحية تحرض على الفتنة الطائفية والمذهبية". وأضاف: "الإصلاح يساعد القاعدة والتكفيريين على الانتشار في صنعاء وأرحب وذمار وعمران".
ودعا "إلى مظاهرات ومسيرات شعبية في مختلف المحافظات، دعماً للجيش وللشرفاء فيه الذين رفضوا الدخول في حرب ضد أبناء محافظة عمران، ودعماً لأفراد وضباط الجيش من استغلال حفنة من النافذين لمقدرات الجيش، وتجييرها لمصلحتهم، والتضحية بالجنود في معاركهم الخاصة من أجل المال والتكسب غير المشروع"، حد قوله.
وقال عبدالملك الحوثي: "لا ينبغي أن يخضع الرئيس ولا وزير الدفاع لحفنة من النافذين الانتهازيين الذين يهددون الرئيس بإخراجه حافياً، كما فعل حميد الأحمر وعلي محسن"، منوهاً إلى أنه "يبدو أن الرئيس تجاوب، ووجه بعض الوحدات بالتدخل، وربما أنه خضع لضغوط داخلية وخارجية".
وتساءل: "أين الحساسية على الجيش ودماء الجنود الضباط تسفك في صنعاء يومياً على يد القاعدة، ويسقط منهم العشرات دون أن تتخذ أي إجراءات عملية؟". وقال: "سنقف إلى جانب أبناء عمران، وسندافع عنهم لأنهم مظلومون، فمن حقهم أن يعيشوا، هم مسلمون، لدمائهم حرمة، وإن لم يكونوا أعضاء في حزب الإصلاح".
وضمّن الحوثي خطابه المطوّل مبادرة، أشار فيها إلى أنه سيطلق 100 أسير "معززين مكرمين، حيث استضفناهم عندنا بكرامتهم، وسنطلق سراحهم غداً إن شاء الله".
وأبدى استعداده "لوقف إطلاق النار، وللتعاون لاستكمال الاتفاق وتزمينه". وكشف عن أنه عرض على وزير الدفاع أن يستلم مدينة عمران، ويتكفل هو بحل مشكلة أبنائها، والدفاع عنهم تجاه أخطار المجموعات والمليشيات التكفيرية، حد قوله. وأبدى استعداده لما سماه "التعاون بما يخدم الأمن والاستقرار".
وفي التداعيات السياسية، لـ"الحرب على عمران"، كشف المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بن عمر، عن مشاورات وصفها بـ"المكثفة"، مع قيادات أمنية وممثلين عن "أنصار الله" (الحوثيين)، دعماً لجهود الرئيس هادي، دون أن يشير إلى تفاصيل حول تلك المشاورات.
وأثنى بن عمر على جهود السلطات اليمنية في مواجهة التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية الراهنة. قال إنه عقد منذ بدء زيارته الـ30 إلى اليمن، لقاءات مع الرئيس عبد ربه منصور هادي، ورئيس الحكومة محمد سالم باسندوة، ووزيري الدفاع محمد ناصر أحمد، والداخلية عبده حسين الترب، إضافة إلى قيادات سياسية، منها: النائب الثاني لحزب المؤتمر الشعبي العام عبدالكريم الإرياني، وأمين عام الحزب الاشتراكي ياسين سعيد نعمان، وأمين عام التجمع اليمني للإصلاح عبدالوهاب الآنسي.
وفي السياق، نقلت وكالة "خبر" للأنباء، أمس الأول، عن مصادر محلية قولها إنه تم نقل العميد ركن حميد القشيبي، قائد اللواء 310، إلى صنعاء لتلقي العلاج إثر تدهور حالته الصحية، بعد 3 أيام من إصابة بطلق ناري في أحد المواقع العسكرية.
وقال المصدر إن "قائد اللواء 310 مدرع العميد الركن حميد القشيبي، وصل مساء الاثنين، إلى العاصمة صنعاء، ويعاني تدهوراً في حالته الصحية جراء إصابته في منطقة البطن، تعرض لها، السبت الماضي، أثناء زيارة تفقدية لموقع المرحة، رفقة عدد من القيادات العسكرية"، حسب قوله.
من جانبه، قال لـ"الأولى" مصدر مطلع في اللجنة الرئاسية المكلفة بوقف الصراع في محافظة عمران، والتي يترأسها وزير الدفاع اللواء، إن "سبب اتساع دائرة المعارك توقف المفاوضات خلال الأيام الماضية، والتعامل اللامسؤول من قبل الجهات الرسمية"، مشيرا إلى أن توقف الاجتماعات انعكس على الميدان، في إشارة إلى المعارك الدائرة التي تشهدها ضواحي المدينة.
وأَضاف أن اللجنة لم تجتمع إلا مرة واحدة، بحضور وزير الدفاع، قبل عدة أيام، تم تقديم مقترحات للحل، وأن النقاط التي تم تقديمها لم تصل إلى أن تعد نقاطاً للاتفاق. وتحفظ المصدر على النقاط التي قدمت.
وعلى صعيد المواجهات على الأرض، اشتدت المعارك في محافظة عمران، عقب انتهاء خطاب الحوثي، في عدة جبهات في مدينة عمران.
وقالت مصادر محلية أن الحوثيين سيطروا على مواقع، فيما دارت اشتباكات بالقرب من المجمع الحكومي ومنزل المحافظ، ونقل لـ"الأولى" شهود عيان اقتحام مسلحي الحوثي المجمع، ونادوا بمكبرات الصوت حراسة المبنى، مطالبين إياهم بتسليم أنفسهم، والخروج من المبنى.
وتحدثت المصادر عن أن مدينة عمران تفجرت فيها المعارك في أكثر من جهة، مشيرة إلى أن الجنود وقوات اللواء 310 بدأت بالانسحاب من المواقع، ولم يعد يتواجد فيها غير مسلحين قبليين موالين للواء، موضحة أن الحوثيين باتوا يسيطرون مواقع الغيل وكولة عدان وبيت عامر وتخوم جبل ضين.
وفيما طوق مسلحو الحوثي مبنى المحافظة، أفاد شهود عيان "الأولى" في وقت متأخر، بقطع جرافة (شيول) تابعة للواء 310، شارع 22 مايو وشارع الأربعين المودي إلى اللواء ٣١٠، وإنشاء ترسانة حماية ومواقع مستحدثة حول اللواء.
وفي السياق، أفادت المصادر باستيلاء الحوثيين على جبل ضين الاستراتيجي بعمران. كما سيطروا على مواقع عسكرية بين همدان وعمران سلمها الجنود لمسلحي الحوثي وغادروا بأسلحتهم الشخصية، وهذه المواقع هي موقع الغيل وموقع جبل الريان وموقع البختري في بني مونس.
وكانت المعارك العنيفة في محافظة عمران تجددت، أمس، عقب انتهاء هدنة لمدة 13 ساعة بين طرفي النزاع؛ مسلحي الحوثيين من جهة، وقوات اللواء 310 ومسلحين موالين لهم من حزب الإصلاح، فيما شارك سلاح الجو، ولليوم الثاني، في تنفيذ غارات جوية على عدد من مواقع الحوثيين.
وقصفت الطائرات موقع السلاطة وبوابة السجن المركزي وقرية سحب وجبل ضين، في محاولة لفتح الطريق لدخول القوات العسكرية التي قدمت من صنعاء، لتعزيز قوات اللواء 310 والمسلحين الموالين.
وقالت لـ"الأولى" مصادر محلية متطابقة إن الطائرات نفذت عدة غارات جوية، بعد عصر أمس، على المواقع التي يتمركز فيها الحوثيون، وإجبارهم على الانسحاب من المواقع التي سيطروا عليها مؤخراً، مشيرة إلى أن القصف تركز على "سحب" و"السلاطة" والسجن المركزي، وأسفر عن سقوط قتلى وجرحى.
وأوضحت المصادر أن المواجهات لا زالت مستمرة في عدة مواقع في "المرحة" و"الجميمة"، وموقع السودة المطل على مجمع الحكومي للمحافظة. كما يتبادل الطرفان قصفاً عنيفاً بالأسلحة الثقيلة في "الورك" ومفرق "ذيفان"، متحدثة عن أن اشتباكات اندلعت بين الحوثيين والحملة العسكرية القادمة من صنعاء، بغرض تعزيز اللواء، إلا أنها توقفت وسط مركز مديرية سحب، منذ أمس الأول.
وأشارت هذه المصادر إلى أن الحملة العسكرية توزعت في تبة رأس ذيبة وسحب أسفل جبل ضين، حيث تحاول الحملة إيقاف زحف الحوثيين على جبل ضين، وفك الحصار، إلا أنها لم تتمكن من التقدم نحو الجبل.
مصادر قبلية أخرى، من جانبها، تحدثت لـ"الأولى" عن اندلاع معارك عنيفة في "بني ميمون" موقع السودة في كولة عدان وجبل ضين الموقع الاستراتيجي للواء، والمطل على مدينة عمران، حيث يحاول مسلحو الحوثي السيطرة على الموقعين، خاصة جبل ضين.
وقالت هذه المصادر إن الحوثيين قصفوا موقع الورك بالقذائف من جبل زيد، ورد الجيش بضرب مواقعهم وقصفهم بالطيران، لإجبارهم على الانسحاب وفتح الطرق والتخفيف من الحصار على المواقع العسكرية التي يحاصرونها.
ونفذت الطائرات الحربية طلعات جوية قصفت فيها منطقة سحب لاستعادة السجن المركزي الذي يسيطر عليه الحوثيون، والنقطة العسكرية بالقرب من موقع السلاطة، حيث يطل على مدينة عمران بالكامل، وخلفه من اتجاه صنعاء جبل ضين، وهو أرفع جبل في المحافظة.
وبيّنت المصادر أن القصف منع تسلل المسلحين على جبل ضين، كما مكن الحملة العسكرية من التقدم في مديرية عيال سريح، والتمركز في رأس تبة ذيبة، وقصف مواقع الحوثيين بالدبابات والمدافع والمتسللين على جبل ضين.
في السياق، أفاد "الأولى" مصدر قبلي آخر أن مستشفى عمران أغلق أبوابه أمام المواطنين، بسبب استقبال الجرحى والمصابين في المواجهات، مشيرا الى أن الجثث تم إرسالها إلى المعسكر، ووضعها هناك، ولا يتم إدخالها ثلاجة المستشفى، نظرا لعدم وجود مكان لجثث أخرى.
وقال المصدر إن أهالي منطقة عدان عثروا على عدد من الجثث، وقاموا بسحب 3، مشيرا الى أنهم أبلغوا اللواء بوجود جثث جنود، إلا أنهم رفضوا التوجه الى المنطقة لسحبها، وطلبوا من أحد الأهالي إخراجها؛ "أحد المواطنين بلغ قيادة اللواء بوجود جثث في المنطقة، وطلب منهم القيام بأخذها، إلا أنهم رفضوا، وقالوا له نعطيك حق البترول وأنت جيبها إلى عندنا"، حسب قوله.
من جهته، قال لـ"الأولى" مصدر حوثي إن مسلحيهم تمكنوا من السيطرة على "بني ميمون"، بعد اشتباكات عنيفة، كما سيطروا على جبل الريان وجبل مؤنس، وإن الاشتباكات لا زالت مستمرة في موقع السودة المطل على المجمع الحكومي.
وأضاف المصدر أن طائرة حربية قصفت بالخطأ، أمس الأول، موقع جبل ضين، ما أسفر عن سقوط 40 جندياً وعشرات الجرحى، مشيرا الى أن قوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي سابقا)، وقوات من اللواء، توجهت، صباح أمس، إلى الموقع، وقامت بانتشال الجثث، على متن سيارات إسعاف، وتم نقلها الى مستشفى عمران، والمستشفى العسكري ومستشفى الشرطة في صنعاء، ولم يتسنَّ لـ"الأولى" التأكد من صحة هذه المعلومة من مصدر مستقل.
نقلا عن الاولى اليمنية