الأزمة بين الطرفين تخرج إلى العلن على خلفية الضغوط الإصلاحية لإشراك "الجيش" في المعارك مع "الحوثي"
صحيفة "محسن" تهدد الرئيس بمواقف "صارمة" وبـ"لجم" وزير دفاعه
وصحيفة "الثورة" ترد: على هؤلاء المتعطشين للدم مراجعة مصالحهم ورغباتهم "التدميرية"
افتتاحية "الثورة":
"نقول لهؤلاء إن رئيس الجمهورية مسؤول عن جميع اليمنيين بأطيافهم وأحزابهم وتوجهاتهم المختلفة ومؤتمن على مصلحة شعب بأسره ومستقبل بلد بكامله أنهكته الصراعات والخلافات إلى أقصى حد، وليس رئيس عصابة يمكن استدعاؤه أو دفعه في أي لحظة ليعلن حالة الحرب ويجيش الجيوش ضد جماعة بعينها أو طرف بعينه لأنه لا يعجب هذا الفريق أو ذاك!"
صنعاء- "الأولى":
في تطور يخرج إلى العلن بالأزمة الناشبة بين الرئيس عبد ربه منصور هادي من جهة، وحزب الإصلاح واللواء علي محسن في الجهة المقابلة؛ هاجمت صحيفة "الثورة" الرسمية، أمس، أطرافاً سياسية قالت إنها تطلق العنان للكتبة من أتباعها ومستأجريها لاختلاق الأكاذيب على شخص الرئيس هادي، ووصمت تصرفها "بأن اضطرابا حاداً أصاب تفكيرها". وجاءت افتتاحية "الثورة" بعد يوم واحد من افتتاحية لصحيفة "أخبار اليوم"، المحسوبة على اللواء علي محسن الأحمر، هددت فيها باتخاذ مواقف صارمة من "هادي"، ولجم وزير دفاعه.
وقالت صحيفة "الثورة"، في مقال لها بعنوان "المسؤولية الوطنية.. لمن يريد أن يفهم!": "من الواضح أن اضطراباً حاداً أصاب تفكير بعض الأطراف السياسية مؤخراً، ما جعلها دون وعي تطلق العنان للكتبة من أتباعها ومستأجريها لاختلاق الأكاذيب على شخص الرئيس عبد ربه منصور هادي، رئيس الجمهورية، وكيل الاتهامات المختلفة بما تحمله من إساءات وتهويمات يغذيها الخيال المريض والعواطف العمياء الجاهلة بطبيعة ما يعتمل على الساحة الوطنية وما ينذر به الحال من مخاطر تستدعى فائق الإحساس بالمسؤولية الوطنية".
وأضافت الصحيفة: "في حين يدرك المتابع الحصيف أن هذه السفاهات والأقاويل المتوهمة لا يمكن أن تصدر عن أناس يفهمون أبجديات العمل السياسي، فهي تؤكد أنها لا صلة لهم بالهم الوطني، ولا بالخوف على مصالح البلاد، ولا بالحرص على ما تحقق حتى الآن من إنجازات عظيمة على مسار التحول الوطني، والتأسيس لصفحة جديدة تطوي صراعات الماضي بمآسيها، وتحفظ دم اليمنيين ووحدتهم".
وتابعت: "من باب التذكير والنصيحة نقول لهؤلاء إن رئيس الجمهورية مسؤول عن جميع اليمنيين بأطيافهم وأحزابهم وتوجهاتهم المختلفة، ومؤتمن على مصلحة شعب بأسره ومستقبل بلد بكامله أنهكته الصراعات والخلافات إلى أقصى حد، وليس رئيس عصابة يمكن استدعاؤه أو دفعه في أي لحظة ليعلن حالة الحرب ويجيش الجيوش ضد جماعة بعينها أو طرف بعينه لأنه لا يعجب هذا الفريق أو ذاك!".
واعتبرت الصحيفة أن "الحري بهؤلاء المتعطشين للدم والقتل أن يراجعوا منطلقاتهم الضيقة التي لا ترى غير مصالحهم الأنانية ورغباتهم التدميرية، ولا تقوى على العيش والازدهار إلا في ظل الصراعات والحروب، دون أن تلقي بالاً لما توافق عليه اليمنيون قاطبة في مؤتمر الحوار من ضرورة تجنيب الدولة ومؤسساتها الوقوع في خضم الصراعات السياسية، وعدم توريطها في أية معارك أنانية لن يجني منها الشعب إلاّ الخسران، ومزيداً من نزيف الدم".
وأشارت: "نذكرهم أن الدولة، وعلى رأسها رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن، ليست قاصرة أو غائبة عن فهم حقيقة ما يدور في الواقع، ولا عاجزة عن التعاطي المسؤول معه، ولكنها تحرص دائماً على تغليب لغة المنطق والعقل، والبحث عن حلول تجنب البلاد الانزلاق إلى مربعات العنف، وتحول دون انهيار ما تم بناؤه خلال السنوات الـ3 الماضية، من توافق وطني وإجماع على طبيعة المستقبل الذي ينشده اليمنيون على صعيد الاستقرار الأمني والاقتصادي والعدالة الاجتماعية والمشاركة في السلطة والثروة"، حد قولها.
وأردفت: "لا يفوتنا أن نؤكد لهؤلاء الباحثين عن بطولات وأدوار نضالية عبر شاشات الفضائيات وواجهات الصحافة، أن المؤسسة العسكرية والأمنية اليمنية التي يتباكون عليها بدموع مصطنعة وزعيق زائف، تعرف جيداً مهامها الوطنية وواجباتها في حفظ الأمن والاستقرار بعيداً عن معارك الاستقواء بها لتحقيق مكاسب سلطوية للأطراف أو الأشخاص، كما أنها تعرف جيداً تقدير اللحظة التي يصبح فيها الوطن معرضاً للخطر الذي يستدعي حضورها العاجل لوقف ما يمكن أن يتهدد وحدته وسلامته".
ومضت الصحيفة بالقول: "لا يمكن لأحد أن ينكر أو يتجاهل كيف استطاع الرئيس هادي منذ توليه المسؤولية أن يتغلب بصبره وإرادته وحكمته وشجاعته على الكثير من العوائق والعراقيل التي كادت أن تعصف بالبلاد، وكيف أثبت بشهادة كل اليمنيين والأطراف الدولية أن روح الحوار والتوافق التي يتبعها كانت أنجع وسيلة لإعادة الأمن والاستقرار، والحد من الاحتقانات المسلحة والتجاذبات الحادة".
واعتبرت الصحيفة "أن هذه اللحظة التي تمر بها البلاد، لا تحتمل صب الزيت على النار، ولا العنتريات الكاذبة التي لا تدرك حجم التحديات والمسؤوليات الوطنية المنوط بكل الأطراف السياسية تجاوزها نحو المستقبل الأفضل، كما أنها لا تحتمل المزيد من تلك الخطابات الصبيانية الموغلة في إلقاء تهم الخيانة والتآمر على الآخرين جزافاً، وإنما هي في حاجة ماسة إلى كل خطاب عقلاني مسؤول إزاء كل القضايا الوطنية الإشكالية. والحليم بالإشارة يفهم!".
وتأتي افتتاحية صحيفة "الثورة" أمس، في الوقت الذي يشهد فيه الوسط السياسي حالة من الجدل الحاد وتبادل الاتهامات، بعد دعوة ناشطين وإعلاميين بعضهم محسوبون على حزب الإصلاح، وقوى أخرى محسوبة على تيار اللواء علي محسن الأحمر، للرئيس هادي، لتدخل الجيش في الصراع الدائر في مناطق الشمال بين قوى قبلية محسوبة على جماعة "الحوثي"، وأخرى محسوبة على "الإصلاح"، وهي الدعوات المتزامنة مع ضغوط إصلاحية كبيرة على رئيس الجمهورية لاتخاذ هذا الإجراء.
كما تأتي بعد يوم واحد من حديث لوزير الدفاع محمد ناصر أحمد، لدى لقائه بقادة وزارة الدفاع وهيئة الأركان، دعا فيه إلى "ضرورة العمل للنأي بالقوات المسلحة عن الخلافات والصراعات الحزبية والمناكفات، وهو ما يستدعيه الواجب الوطني الذي يلزم الجميع بالعمل في إطار التعددية الحزبية في المجتمع المدني، وأن تبقى القوات المسلحة والأمن ملتزمة بالحيادية المطلقة"، حد قوله.
فأمس الأول الجمعة؛ شنت صحيفة "أخبار اليوم"، المسحوبة على تيار اللواء علي محسن الأحمر، هجوماً على الرئيس هادي ووزير دفاعه، وذلك في عمود بالصفحة الأولى لـ"المحرر السياسي"، عنونته: "عندما يرى الرئيس بعين وزير دفاعه! فخامة الرئيس.. نحن لك من الناصحين".
وحذرت الصحيفة هادي قائلة: "فخامة الرئيس.. لا تدر ظهرك لشعبك الذي يتوسم فيك خيراً، ويرى فيك رجل المرحلة، ولا تجعل من الشخوص أقرب إليك من وطن، وهم من يعمد إلى افتعال خصومات وخلق تناقضات، كما هو حال وزير الدفاع الذي بات يؤرق وطننا، ويسير في الاتجاه المعاكس من إرادة شعب".
وخاطبت الصحيفة الرئيس هادي أن وزير الدفاع "يكاد ينأى بك عن القوى السياسية صاحبة الحضور الفعلي على الساحة الوطنية، والقادرة على إنجاز المهام الوطنية بجدارة ودراية، وهي أقرب إليك فعلاً من وزير الدفاع الذي له راياته الخاصة به، وتؤدي إلى خصومات لا مبرر لها، وبطريقته التي تشعر الآخرين أنك راضٍ عن أفعاله وأقواله ومواقفه".
وقال كاتب عمود الصحيفة: "لولا حسن ظن القوى السياسية بك، وأنها لم تأخذ بعد مواقف هذا الوزير على محمل الجد، وترى فيه أحد معرقلي مسيرة الثورة التي لا ناقة له فيها ولا جمل، سوى أنه يغتنم التداعيات ليجد ما يحقق مكاسبه الذاتية التي تمر بالتشكيك في القوى الحية والفاعلة، والسعي إلى إحداث فجوة بينك يا فخامة الرئيس وبين من يراهنون عليك".
وعبرت الصحيفة عن خشيتها مما قالت إنه "إذا ما استمر الحال هكذا، أن يصل بك هذا الرجل إلى طريق مسدود فعلاً، وإلى حماقات يتبعها مواقف صارمة ممن يرجون الوقار فيك، ولجمه عن تماديه، وانتهاج فعل وطني راقٍ، واقتصاره على مهامه كوزير دفاع، وليس سيد القرار الرئاسي، فهذا مرفوض تماما".
وتابعت بلهجة تحذيرية: "على هذا الوزير أن يستوعب جيدا طبيعة عمله التي لا تمنحه ولا تخول له أن يعمد إلى التشكيك في القوى والفعاليات السياسية، وله في هذا صولات وجولات الكل يعلمها، ماعدا أنت يا فخامة الرئيس، حسب ظننا بأنك أبدا ما عمدت إلى إيعاز أحد بأن يسجل مواقف ليست من حقه ولا صلاحياته، ولا يقيم عداوات وصداقات مزاجية، ولا يقبل بمباحثات تخصه عن غيره، ومن ثم يظهر لك ناسكا متبتلا وكأنه الوحيد معك والآخرون هم الأعداء، وهي سياسة سارت عليها سابقا القوى النفعية في النظام السابق، حتى أوصلته -بكل تجذره وثقله- إلى انهيار شامل".
واستطردت الصحيفة بالقول: "يا فخامة الرئيس، مخلصون نقول لك: وزير الدفاع في منحى آخر تماما، فله تواصله غير المستقر، وله أكثر من الغمز واللمز للتيار الإسلامي، حتى إنه يتطابق في وجهة نظره مع قوى أخرى، ويتقرب إليها بأساليب تبرهن للآخرين عن وفائه للمباحثات التي جرت هنا أو هناك".
وطالبت الصحيفة الرئيس هادي بكبح جماح وزير الدفاع: "وهو أمر عليك يا رئيسنا أن تكبح جماحه، وأن يدرك جيدا أنه يقود مؤسسة عسكرية وفية للثورة والوطن، ولا تراهن مطلقا على حوارات أخرى ومواقف تعبر عن الآخر، وتعهدات خاصة ربما لا تعرفها".
وقالت إن "القوى السياسية النضالية على دراية تامة بما يسير فيه مهما تنكر أو مارس لعبة الاستغماية على قوى تعي جيدا أن فلول النظام السابق ديدنهم التشكيك في النضال، وتهميش التحولات الحقيقية، وإيجاد خصومات معك أنت يا فخامة الرئيس، ليبقى وأمثاله هم السلطة محتكرة، وهم الإرادة التي تهزم كما يخيل لهم حيوية ثورة عنوانها النصر والنصر فقط".
وتحدثت الصحيفة عن أن الرئيس هادي يخسر على الدوام قوى قالت إنها تشكل قوة له: "يا فخامة الرئيس، إنك -من خلال هذا الوزير- تخسر وعلى الدوام أهم القوى التي تشكل قوة لك، تخسرها كل يوم، ونخشى أن تصل إلى مرحلة فقدان الثقة بك بفعل وزير الدفاع الذي بات يظن أنه سيد المرحلة وصاحب المنعة، له الأفق المفتوح في ما يعمله ويخلد إليه ويدر عليه من العسل واللبن ما يجعله يتنعم بالسلطة في كنفك وحمايتك، وإقصاؤه لكل من يثق فيك".
وأعطت الصحيفة الرئيس هادي "فسحة لترتيب أولوياته": فخامة الرئيس.. ثمة فسحة لعمل شيء ما يعيد ترتيب أولوياتك وفقا لمخرجات الحوار الوطني، ومع القوى النضالية الصادقة الولاء والوعد والعهد، التي يريدها وزير الدفاع محل علامة استفهام وإلغاء بالنسبة لك".
وهددت الصحيفة الرئيس هادي في حال انحاز لوزير الدفاع: "هيهات أن يحدث هذا بوعيك أولا، ولأن هذه القوى تمتلك القدرة الكبيرة في تحريك القضايا الوطنية والدفع بها إلى الأمام مهما ظن وزير الدفاع غير ذلك، وقدم رؤاه الأخرى، ولمح هنا وغمز هناك عن شخصيات وطنية كبيرة وقوى نضالية هي أكبر من أن يتطاول عليها أو يخربش ما يطمح إليه وطن من سيادة واستقرار وسلم اجتماعي قائم على قوة الانتماء إلى هذه الأرض، وإلى مستقبل نريده فعلا ديمقراطيا الكل يشارك في إنجازه، وليس لأحد حق الادعاء واحتكار الحقيقة وإقصاء الآخرين كما هو حال وزير الدفاع".
واسترسلت الصحيفة بالقول: "تبقى كلمة يا فخامة الرئيس: احرص على علاقاتك بالقوى الحية، لا تراهن على من يريدونك حكرا لهم لمصالحهم الضيقة، لا تقدم فردا على وطن، ولا يغرنك فرد بمجافاة من صدقوا معك، وكانوا وما زالوا نعم المعين".
واختتمت الصحيفة حديثها بالقول: "فخامة الرئيس، إن وزير الدفاع يضيق الدائرة عليك، يجعلها أقرب إليه تحديدا، بصلافة يريدك رهن توجهات هو أعلم بها من غيره، ويريدك في صمت تام حيال ما يجري من الجماعات المسلحة التي يداهنها ويجد فيها ما هو أقرب إلى الرفاه على حساب وطن ووحدة وثورة. فخامة الرئيس، إن وزير دفاعك يخلق حواجز كبيرة بينك وبين الآخرين، ونحن لك من الناصحين".
وفي نفس السياق، واصلت صحيفة "أخبار اليوم"، أمس، مهاجمتها لوزير الدفاع، وقالت في افتتاحية لـ"المحرر السياسي": "من يغالط وزير الدفاع بتصريحاته العرجاء (أنه لن يزج بالجيش في الصراعات السياسية)؟ وما هذه الإشارات الغبية للحوثية أن تتمدد كما يحلو لها، وأن تمارس القتل في الجيش، وتزحف على مدن وقرى ومحافظات وهي في مأمن تام من الجيش الذي عليه أن يقدم نفسه قرابين للحوثية البطلة كما يريد لها أن تكون؟ لمن يريد أن يصل بالفكرة؟ هل لحلفائه الجدد، أم لكسب ود ورضا خارج الحدود".
وأضافت: "الواقع أن تصريحات هذا الوزير لا تدل على أنه يمتلك مواقف وطنية حازمة، ولا هو مؤهل لقيادة المؤسسة العسكرية، وقد تدجن طويلاً في النظام السابق حتى بات عاجزاً عن فهم مهام الجيش المناط به حماية وطن والأمن والاستقرار والسيادة الوطنية، وهي مهام لا يجيد فعلها، إلا ما هو للمراوغة وكلام في الهواء، ظناً منه أنه يكحل القمر ويحجب الشمس عن نورها كحقيقة".
وفي السياق ذاته، التقى الرئيس عبد ربه منصور هادي، الأمانة العامة لحزب المؤتمر الشعبي العام، وأحيط اللقاء بتكتم شديد من وسائل الإعلام الرسمية والحزبية.
ويرى المراقبون أن اللقاء يأتي بعد التطورات الجديدة، والتي يدفع بها مستشار الرئيس للدفاع والأمن اللواء علي محسن، وحزب الإصلاح المقرب منه، لإرغام الرئيس هادي على إشراك الجيش في الخلافات الدائرة بين جماعة الحوثي وحزب الإصلاح، وهو ما أبدى منه الرئيس هادي موقفا صريحاً تضمن إبعاد الجيش عن أي صراعات بين القوى السياسية الموجودة على الساحة، والعمل على تحييده.
نقلا عن الاولى