انطلق من فرضية صحيحة وهي أن البلدان الغربية هي التي تمتلك شركاتها المنظومة الكونية العالمية وشبكات الاتصالات والاعلام وبقيادة امريكا وهيمنة قاموسها وثقافتها ولغتها وانتهاكها لسيادات البلدان جوا وبر وبحرا والأخطر تزييف وعي الشعوب .
ولكن الذي ساعد في ذلك هو أن العرب يقفون خارج التاريخ والزمان .لماذا وكيف ؟
لقد انقسمت الثقافة العربية الإسلامية الى مدارس بخصوص اعتبار الإنسان مسير أم مخير عن افعاله وعن دوره ومسؤوليته في الحياة والاجتماعية وهنا ظهرت مدرسة الطاعة والصبر عند فرق السنة والشيعة ومدرسة الاعتزال او التصوف والابتعاد عن الحياة الاجتماعية او مدرسة التمكن كشرط للخروج او مدرسة الخروج وعدم طاعة الحاكم واعتبار أن الفعل البشري هو اساس قيام الدول وانهياراها .وتحدث فريق آخر مثل ابن خلدون عن دور العصبية في قيام الحكم وانهياره ولكن نظريته كانت تجيب عن سؤال :لماذا تنهار الدولة ؟ ولم يبحث عن سؤال استمرارية الدولة كمؤسسة وافكار وقوانين .
لقد روج الفقهاء لواقع ما حدث في تاريخ المسلمين منذ سقيفة بني ساعدة والى اليوم وامتد شيوع الأفكار التي كرست قابلية الخضوع والاتباع وطاعة الظلمة من روايات لها جذور غير إسلامية ؛وأهملت روح القرآن وقيمه التي تؤسس مسئولية الفرد عن افعاله واختياره فيما أمره الله وبما يصلح المعيش وينشر الخير وقد تميزت الزيدية بالإجابة عن هذا السؤال وصار لديها فكر منظم ولكن صارت الثقافة الشائعة هي الجمود وطاعة الظلمة وانتظار العلماء الذين في مواقفهم وسلوكهم مغيبين عن ما يجري من ظلم وقتل في البلدان العربية والاسلامية من فلسطين والعراق وافغانستان وما تمارسه امريكا باستخدام اخطر وابشع انواع الاسلحة وترهب المسلمين مع اسرائيل وبها تنشر الفساد وتنهب خيرات العباد - بترول الشعوب العربية- بالمحافظة على الأنظمة التي كرست استبدادها لتدجين مواطنيها وتهيمن في ذلك بتكريس ثقافة الإرهاب وتعريفات الغرب والقاموس الأمريكي كثقافة كونية ؛ والصاق ذلك بالقرآن والمسلمين كمفهوم يحيط به اطروحات صراع الحضارات (هنتغتون) ونهاية التاريخ(فوكوياما) كسياسات واستيراتيجيات في وسائلها تستخدم الأمم المتحدة ويقدم في اطار استراتيجيات امريكا لمواجهة الارهاب والاستفادة من احداث 11سبتمبر2001وما اعلنه بن لادن الذي في تصوره لمفهوم الخلافة ودار الاسلام ومشروعية الجهاد وانقسام العالم الى فسطاطين :دار الايمان ودار الكفر .
وكخلاصة بفكرة وهي :إن اختفاء النقد والاستبداد والإرهاب الفكري الذي يمارس فيما بين المسلمين كثقافة تعيش استحضار اشكاليات التاريخ التي تتخذ صفة التقديس وكأخطاء شائعة أو صحيحة لكنها تجسد قيم عدم التسامح والالغاء للأخر والتكفير على مستوى الجماعة الواحدة ولسبب بسيط أن ثقافتنا ضئيلة الاعتراف بحق الفرد كما هي في ثقافة الغرب وحقوق الانسان ولذا نحكم على كل انسان بتصنيفه وانتماءه الى جماعة مذهبية او حزبية او؛ مناطقية ؛ او قبلية وتستغل الأنظمة ذلك لتمارس الإرهاب على شعوبها وتسخر فتاوي علماء السلطان عندما ترتكب جرائمها او طوائفها وحتى الاستفادة من الدعم الخارجي الاقليمي والعالمي .
إن قبول الظلم وتبريره يتنافى مع الحقوق الانسانية والضمير العالمي وها هي قضية فلسطين المغتصبة من قبل (كيان العدو الإسرائيلي )الذي يرفض أن يكسب الفلسطينيين حق الاعتراف بصفة عضو مراقبة في الجمعية العمومية وتخاف أن تكتسب فلسطين صفة الدولة لكي لا تحاسب على جرائمها في المحاكم الجنائية وتساعدها امريكا والى يومنا هذا وهذا ما يفقد امريكا وقيمها المصداقية ويساعد هذا التطرف العالمي في ظهور تطرف وعلى كل المستويات .
وتتموقع قضية فلسطين اليوم في قيام ثورات لم تكمل مرحلتها الاولى رغم تغيير رأس النظام وبعض المعاونون في تونس ومصر وما زالت الاحداث تتصف بعدم الحسم من مرحلة الهدم والتغيير باستثناء تونس وما يجري في ليبيا التي صارت أقرب للحسم بتعاون قوات العالم في ازاحة القذافي واما اليمن وسوريا والبحرين فالتدخلات الاقليمية والعالمية لم تساعد في حسم الاحداث ورغم القراءات التي تقول أن التغييرات الشعبية هي لمصلحة القضية الفلسطينية في المدى البعيد ولكن في القريب والقضية في الجمعية العمومية فأن المواقف بشكل مجمل ليس في مصلحتها .
ولكن هل اجابت الثورات العربية عن سؤال الانوار واعتبرت الانسان مخير ومسؤول عن افعاله وأن الفعل البشري هو اساس الاجتماع البشري
نقلا الحوار المتمدن