يشهد جنوب اليمن منذ الاجتياح العسكري لأراضيه في العام 1994م أحداث دامية جراء الممارسات اللانسانية للسلطات اليمنية التي تتعامل مع أبناء الجنوب بكل أنواع البطش وصور سفك الدماء وتمارس كافة أصناف الظلم بحق الشعب ما أدى إلى اندلاع انتفاضة شعبية واسعة واضحى من خلالها الجنوبيون يطالبون باستقلال دولتهم (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) التي كانت دخلت بوحدة مع (الجمهورية العربية اليمنية) عام 1990م، ولم يجري استفتاء شعب الجنوب عن قرار الوحدة الذي اتخذ من قبل المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الحاكم انذاك، لتنتهي الوحدة بعد سنوات قليلة من اعلانها، وبعد تنصل الطرف الثاني عن بنود اتفاقية الوحدة أدت إلى اندلاع صراع سياسي قاد إلى إعلان الحرب على الجنوب واحتلاله بالقوة عام 1994م والسيطرو على ثرواته وحرمان أصحاب الأرض منها، بعد فصل وتسريح الجنوبيين من مناصبهم ووظائفهم العسكرية والمدنية وحرمانهم من ابسط الحقوق، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل جرى عسكرة المدن والقرى وارتكاب المجازر والجرائم وغيرها من أشكال وصور العنف مع شعب الجنوب المعزول عن السلاح، واذا ألقينا نضرة خاطفة على جملة من الانتهاكات التي تطال الجنوبيين نجد مدى جسامة وحجم الجرائم المرتكبة التي تصل إلى إعتبارها جرائم حرب يعاقب عليها العرف والقانون الدولي..
نماذج من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان في الجنوب
لو قمنا باجراء احصائية دقيقة للجرائم التي طالت الجنوبيين فأن اعدادها تتجاوز عشرات الالاف، ولا يكفي مجلد لتدوينها، لكننا هنا سنحاول التطرق لنماذج من الجرائم البشعة والموثقة بالأدلة والبراهين، ومنذ ذلك البوم يعيش شعب الجنوب طيلة عشرون عاما معاناة طائلة ويتعرض لأبشع صور حرب الابادة والانتهاكات التي تطاله والمجازر التي يرتكبها الجيش والامن اليمني بصورة شبة مستمرة، ولكن مشاهد وصور جرائم التصفية الجسدية التي تطال المعتقلين الجنوبيين وكذلك الاغتيالات التي يتعرض لها ناشطو الحراك السلمي التي يجري تقييدها باستمرار ضد مجهول بالاضافة إلى اعمال الخطف ولتعذيب وما شابه ذلك من جرائم لم ينج منها الأطفال والنساء، وهناك عشرات الالاف من الجنوبيين سقطوا بين شهيد وجريح بالاضافة إلى عشرات الالاف الذين تعرضوا للاعتقالات والتعذيب، وهنا نحاول التطرق لنماذج من الجرائم التي تطال الجنوبيين ونحاول نستعرض العديد من هذه الجرائم الواضحة التي لا مجال للشك فيها، وهي مثلا:
جرائم حرب الابادة وهي كثيرة ارتكبتها قوات الجيش اليمني في مناطق ومدن جنوبية مختلفة وفي فترات زمنية مختلفة ونذكر على سبيل المثال، الحرب التي طالت مدينة الضالع ومدن ومناطق الحبيلين بمحافظة لحج وكذلك محافظة أبين ومناطق أخرى هناك في الاعوام السابقة والتي لا تزال آثارها باقية إلى اليوم بالاضافة إلى الجرائم التي يرتكبها الجيش اليمني في محافظة الضالع التي تتعرض للقصف بشكل مستمر منذ اكثر من شهرين، ففي يوم الجمعة الموافق 27 ديسمبر 2013م قامت الوحدات العسكرية المتمركزة داخل المجمع الحكومي بقصف مخيم عزاء يتواجد داخله عشرات المدنيين في منطقة سناح وعلى مسافة 500 متر تقريباً من دبابات الجيش في المجمع الحكومي والتي اطلقت عدة قذائف بشكل مباشر إلى داخل المخيم دون أي اسباب، وأدى ذلك القصف إلى سقوط العشرات بين قتيل وجريح، حيث بلغ عدد القتلى خمسة عشر قتيلاً، واكثر من اربعين جريحاً وكان من بين الضحايا عدد من الأطفال.
وتكرر المشهد المأساوي مرة أخرى في منطقة "لسلاف" بمدينة الضالع وذلك عندما قصف جنود الجيش المتمركزين في معسكر "الجربا" منازل المواطنين هناك أثناء المساء، ما أدى إلى تدمير منزل المواطن "ياسين علي احمد" على أفراد الأسرة المكونة من أب وأم وطفلتين، الأم الحامل في شهرها السابع لفضت انفاسها وإلى جانبها طفلتيها ياسمين (ثلاث سنوات) وسارة ( سنة ونصف) استشهدتا في الحادثة الأليمة، في حين أصيب الأب بجروح خطيرة اسعف على اثرها إلى دولة مصر لتلقي العلاج ولا يزال هناك حتى اليوم.
وتكرر المشهد البشع مع سكان مدينة الضالع وإلى جانبها أكثر من ثلاثة عشر منطقة تتعرض باستمرار للقصف ما أدى إلى سقوط العشرات من الضحايا بين شهيد وجريح بالاضافة إلى نهب وتدمير الممتلكات الخاصة والعامة.
- ثانيا جرائم تصفية الأسرى والمعتقلين:
تعرض العشرات من الجنوبيين من الناشطين الجنوبيين إلى التصفية الجسدية داخل المعتقلات التابعة للسلطة اليمنية وأبرز الجرائم الموثقة بالادلة والبراهين هي:
- التصفية الجسدية التي طالت المعتقل أحمد محمد عوض الدرويش، ففي تاريخ 23 يونيو 2010قامت سلطات الأمن اليمني باعتقال الشاب الدرويش أثناء تواجده في ساحل ابين بمدينة عدن، وبعد ادخاله سجن الأمن العام وخلال التحقيق معه على خلفية نشاطه السياسي في الحراك الجنوبي، تم تعذيبه بوحشية ويشير تقرير الطبيب الشرعي ان الشاب الدرويش تعرض للتعذيب الوحشي ما أدى إلى حدوث نزيف داخلي وخارجي له، وفارق الحياة متأثراً من التعذيب في اليوم التالي من اعتقاله.
- وفي تاريخ حشدت قوات الأمن والجيش اليمني قواتها على منزل المواطن علي صالح الحدي في مدينة زنجبار بمحافظة أبين، وبعد تدمير أجزاء من المنزل من قيل تلك القوات التي قامت بضرب المنزل بقذائف الار بي جي والدوشكا التي أدت إلى مقتل شخص من اقاربه ثم ألقت القبض على الحدي وقام الجنود بالتحقيق معه داخل المنزل وتعذيبه ومن ثم اطلاق الرصاص عليه ولم يكتف الجنود بقتله بل قاموا بتمزيق جثته وتشويهها وقاموا بسحله وتصويره لحظة سحل جثته.
- وفي تاريخ 22 يونيو 2012م جرت مواجهات بين قوات من الجيش اليمني التي زحقت بقوة كبيرة على مديرية جحاف بالضالع وعدد من أبناء المنطقة احتجوا على حصار فرضته السلطات على سكان مدينة الضالع، وأصيب خلالها أحد المتواجدين في الطريق يدعى محمد محسن عبدالله كباس بجرح بسيط في البطن، وقام الجنود باخذه الى معسكرهم في مدينة الضالع ولم يسمحوا باسعافه، وبعد يومين قاموا بالقائه في نفس المكان الذي جرح فيه وعلي عليه آثار التعذيب والخنق وقد فارق الحياة.
- وفي تاريخ 19 فبراير 2014م وأثناء القصف العنيف الذي شنته قوات الجيش اليمني على مناطق الضالع قامت تلك القوات بحملة اعتقالات واسعة اعتقلت خلالها عشرات المواطنين ومن ظمنهم المواطن عبدالرحمن احمد حيدرة، وانور حمود علي، وفي صباح اليوم التالي الأربعاء 19 فبراير 2014م عثر عليهما مقتولين وجثتيهما مرميتين بجانب الطريق بالقرب من معسكر الجيش.
هذا بالاضافة إلى الكثير من الجرائم البشعة التي تطال شعب الجنوب باستمرار دون أن تحرك منظمات حقوق الانسان والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن ساكناً تجاه مرتكبيها أو ردعهم للكف من ارتكابها، ولم يقف الأمر عند هذا الحد من الصمت الدولي تجاه ما يتعرض له الجنوبيين بل وصل الأمر بالأمم المتحدة إلى محاولات لانقاذ صنعاء قدمت وتقدم لها المساعدات على انقاذ العصابات النافذة التي تحكمها دون ادنى مراعاة للوضع الانساني والسياسي في الجنوب، وتجاهل لارادة شعب الجنوب الذي ينشد الاستقلال لا سواه