في يوم 21فبراير يوم الكرامة كان لابد من صناعة حدث يرتقي الى مستوى يربك قوات الاحتلال وزبانيتها التي انتشرت في كل مكان لمنع شعب الجنوب من الوصول الى ساحة الحرية ، كان لابد من موقف بطولي فدائي يصنع ملحمة للتاريخ ، ومعنى ذلك ان يقدم أحدا من هذا الحشد الهائل نفسه قربانا للحرية حتى يتمكن الباقين من الاندفاع والسيطرة على الساحة ، لان ذلك سيكشف عن صلابة الحراك وقوة ارادة شبابه وصدق المواقف والتضحيات ، فكان هرهره من أولائك الابطال تقدم الصفوف ولم توقفه سوى تلك الطلقة الجبانة التي اخترقت قدمه اليمنى وخر بسببها مرميا في الساحة ويداه قابضة على على دولته التي احبه علم دولة الجنوب ، حينها اخي هاني قام الشباب بواجب الاسعاف مباشرة الى مستشفى اطباء بلا حدود وهناك تلقى العلاج والرعاية الصحية لفترة طويلة _ وهو دور يشكر عليه - ولكن بعد أشهر من المكوث في المستشفى تبين أن أحد الاطباء قد أجرى ما يقارب ( خمس عمليات ) لقدم الجريح دون أي تحسن يذكر ، وعند طلبنا من هذا الدكتور بكتابة تقرير طبي يصف الحالة رفض وتمنع بشدة مما حدىبالطبيب الفرنسي المسؤول عن المستشفى بكتابة التقرير ( ولدى الاخ محمد يوسف نسخه منه ) قال فيه : ( انه لابد من عرض الجريح على اخصائي عظام في أسرع وقت ممكن ) ، في هذه الاثناء كنت على اتصال بالاخ ( الكاش ) لطلب المساعدة المالية للجريح وعرض التقرير عليه ، فجاء مشكورا ( وعند لقائي به ( أمام مستشفى أطباء بلا حدود ) عرض علي كشف بجرحى يوم الكرامة والذي يخلوا من اسم الجريح ( هرهره ) فاصبت بصدمة قوية أثارت غيضي ، خاصة وان الجريح كان برفقة العشرات من الجرحى وتلقوا زيارات من قيادة الحراك والجهات المعنية طوال فترة تواجدهم في المستشفى ، فأبدا الكاش شكه بان الجريح قد لا يكون جرح في يوم الكرامة ، طالبا دليلا معينا لكي يصرف لنا المساعدة المالية - فقلت الى هذه الدرجة يتم التعامل مع جرحانا - وفي هذه الاثناء أخرج الجريح ورقة كانت بحوزته موقعة من مستشفى اطباء بلا حدود ورد فيها : ( الى من يهمه الامر المذكور قدم الى المستشفى يوم 21 فبراير 2013م متعرضا لطلق ناري متفجر في القدم ...الخ ) فاقر بها الكاش وبدأ يتعامل معنا بشكل يختلف عن الاول ، وبعدها قمنا بعمل اشعة وفحوصات تبين ان قدمه تمتلئ بشظايا معدنية من بقايا الطلق الناري المتفجر ، كما ان الوتر ممزق ، ثم تم نقله الى طبيب اخصائي عظام مرتين ثم لم نستطع بعدها نقله الى اي مكان بسبب ما تعانيه اسرته من فقر مدقع .. وهذه الصورة خير من يصف حالة الجريح