مقدّمة لرواية ( إنّ وأخواتها وحروف النّصب) للكاتبة اللبنانية " صونيا عامر"

الأحد 01 سبتمبر 2013 08:58 مساءً عدن اليوم/خاص/لبنان /مادونا عسكر

بتلقائيّتها المعهودة  والمحبّبة، وأسلوبها اللّطيف وسردها البسيط، تغوص الكاتبة اللّبنانيّة "صونيا عامر" في حنايا الذّات لتستخرج مكنوناتها وتضعها بين يديّ القارئ. يتأمّلها، ثمّ يتأمّل ذاته فيلقى ما يعبّر عنه ويسلّط الضّوء على خفايا نفسه.

إلّا أنّ رحلتها في هذه الرّواية لها نكهة خاصة ومتميّزة حيث أنّها تسبر أغوار الذّات الأنثوية وتطرح مشاكلها اليوميّة والتّقليديّة كما تنفذ إلى أعماقها لتبيّن قلقها الدّاخليّ والنّفسيّ الّذي قد يكون مخفيّاً ولا يظهر للعلن.

فكلّ شخصيّة أنثويّة من الرّواية، تعبّر عن حالة معيّنة إذ تجتمع في تلك الشّخصيّات كلّ الهواجس الّتي تشغل المرأة وتؤرقها، كما يظهر لنا وجعها النّاتج عن إخضاعها لعادات وتقاليد ما برحت تنهكها حتّى إذا ضاقت ذرعاً ثارت عليها وانتفضت، من جهة، ومن جهة أخرى نتلمّس مشاعرها التّائقة أبداً إلى الحبّ الّذي ترجو أن يفيض عليها أبداً سكينة ونعيماً وسعادة.

تنتقل الكاتبة من شخصيّة إلى أخرى كالنّحلة من زهرة لأخرى، وتحاكي في كلّ جزء من الرّواية شخصيّة أنثويّة معيّنة تلامس بها حالة كلّ امرأة بشكل شخصيّ أو عام. وقد تتراءى للقارئ وللقارئة تحديداً، عوالم خفيّة تسكن أعماقها، تستخرجها "صونيا عامر"، وتطلق العنان لمشاكل وهواجس عدّة بين دينيّة وحياتيّة واجتماعيّة، وتطرح عدّة تساؤلات وجوديّة فلسفيّة. كما تترك للقارئ مساحة من التّأمّل بل فسحة للبحث عن حلول. بالمقابل وهي تعبّر عن المرأة، تشجّعها تارة بشكل مباشر وطوراً بالتّلميح إلى الثّورة على مجتمعها الّذي لا يرى منها غالباً إلّا أنثى ويتناسى إنسانيّتها الّتي تجعل منها امرأة.

لا تظهر المرأة في هذه الرّواية ضعيفة أو مستسلمة وإن كانت غارقة في متاهات عدّة وصعوبات جمّة، وإنّما تناضل وتثابر وتجتهد كي ترتقي سلّم النّجاح، ثمّ ما تلبث أن تعانق ألمها من الحبّ والفراق والرّحيل، إلّا أنّها تحافظ على وجودها وكيانها كامرأة دونما الرّضوخ لألم أو الخداع أو حتّى لمفاجآت القدر.

لـ "صونيا عامر" فكر خاص وأسلوب متفرّد في تجسيد المعاناة الإنسانيّة والأنثويّة حصراً، وبسردها البسيط، وأسلوبها السّهل الممتنع، لك أيّها القارئ، بل لكِ أيّتها القارئة، أن تسافري معها على أجنحة صفحات مترعة بالجمال والأناقة والتّلقائيّة،  حتّى إذا ما أردت الوقوف لحظة أمام ماضٍ مرير أو حاضرٍ كئيب، برز لك من عمق الأوراق عبير حبر يعبّر عمّا يخالج نفسكِ من مشاعر وهموم وأفراح وأتراح، وينسّم لك لفحات أمل لمستقبل زاهر تحصدين فيه ثمار الجهاد والمثابرة والتّعب.