وسائل عاجلة لإنقاذ الاقتصاد اليمني من الانهيار ولتحقيق العدالة في أوساط المجتمع

الثلاثاء 13 مايو 2014 09:21 مساءً عدن اليوم -متابعات - المستشار- سعد احمد الورد

التحول الى نهج التنمية المستقلة والتى تعتمد على القدرات الذاتيه لتحقيق العدالة الاجتماعية المستدامة هو السبيل لخروج بلادنا من برنامج اقتصاد السوق الرأسمالي المفتوح المعولم , او ما يسمى ب"الليبرالية الاقتصادية الجديدة المتوافق عليها من قبل واشنطن ,  كما ان مبدأ العدالة الاجتماعية  التى تتبناه الاحزاب  الاسلامية الليبرالية وتؤيد اقتصاد السوق هي منقوصة وغير قابلة للاستدامة فهي تحتوي على كثير من التناقضات الاجتماعية  وعدم المساواة وإقصاء الناس الاخرين غير المنتميين الى أحزابها وحب  السلطة  و السيطرة  على قوى اجتماعية قادرة على التحلل من الكثير من المبادئ الاخلاقية والاجتماعية كما حدث مع الوزراء  المدعومين من قبل  التجمع اليمني  للإصلاح  في المالية والكهرباء والإعلام وغيرها.

 كما أنه يوجد اجماع من جميع طبقات المجتمع أن "العدالة ألاجتماعية هي مطلب مشروع  تتطلع اليه القوى ألسياسية , وتحقيقها يعتبر من أهم وأبرز أهداف و شعارات ثورة 11 فبراير  2011 م وجاء هذا الشعار نتيجة التفاوت الطبقي  الاجتماعي الذي وصلت  إليه البلاد نتيجة لأثرة الفوضى والأنانية وحب الذات التي تميزت بها أغلب القيادات الفاعلة والمسيطرة على صناعة القرار والنفوذ والثروة الوطنية  فنسبة كبيرة من اليمنيين وصلا بمستواهم المعيشي إلى تحت خط الفقر وتضاعفت البطالة وزاد الغلاء وانخفضت القوة الشرائية للعملة الوطنية  ,  وافتقاد الكثير منهم للضروريات الأساسية للحياة. الخ وقد عرف احد العلماء الالمان  العدالة الاجتماعية بأنها "هي توسيع فرص ألحياة ويعنى اعطاء الجماهير العريضة الحق فى التعليم والصحة والتأمينات والسكن والعمل ,  ومعنى ذلك أن العدالة الاجتماعية هى صلب العملية الاجتماعية الشاملة التى تعتمد على سد احتياجات الناس" وبصورة موجزة فأن تحقيق العدالة الاجتماعية  في أي مجتمع تمثل جوهر و صلب العملية  التفاعلية الاجتماعية الشاملة بين أوساط أفراد المجتمع وهي العدالة الاجتماعية التي  تعتمد على سد احتياجات أفراد المجتمع كافة .

 والعدالة المرتبطة بالتنمية المستقلة هي نهج قوي ومتين تتبناها دولة تنموية تعتمد على القدرات الذاتية برفع معدل الادخار والاستثمار وبتنمية القدرات البشرية وتدفع بالدولة الى الامام من ناحية الزراعة الحديثة والصناعات الاستراتيجية والخدمات المتطورة المعتمدة على اليات التخطيط وعلى المشاركة الشعبية  للدفع في اتجاه اشباع الحاجات الانسانية والغاء او تقريب الفوارق الطبقية والقضاء على البطالة والفقر.

ومن اجل تحقيق العدالة الاجتماعية هناك عدد من  المقترحات نوجزها فيما يلي:

1.     اعتماد مبدأ التخطيط التكاملى في زيادة التشغيل كأهداف أساسية تتفرع منها أهداف الإنتاج والاستثمار والاستغلال الامثل للموارد وحسن توزيعها , يكون الهدف الرئيس هو تلبية حاجات المجتمع الأساسية وتخفيض نسبة الفقر ومكافحة البطالة فخطط التوزيع العادل يجب أن تكون حاضرة عند تقرير الانتاج و تكون عنده رؤية واضحة لتلافي اعادة تحويل المنتج الى منتج اخر.

2.     اعادة النظر في وسائل الحماية الاجتماعية وهى قضية ألأجور والأسعار وتوزيع الدخل و الثروة والدعم وغيره. وتتضمن قضية الأجور في إعادة هيكلة الأجور بتحديد حد أدنى إنسانى وحد أقصى معقول يكفل بالحياة الكريمة لجميع المواطنين ، كما يجب إعادة توزيع الدخل والثروة من خلال نظام جاد للضرائب ألتصاعدية ومن خلال فرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية والضريبة العقارية التى لم تفعل حتى الان وما إلى ذلك ومن خلال رفع الضرائب الجمركية وضريبة المبيعات على السلع الكمالية من اجل حماية السلع المنتجه محليا وخاصة المنتجات القديمة والأثرية .  كما يجب على الدولة مراقبة الاسعار والمواصفات عن طريق وزارة الصناعة ومنظمة المجتمع المدني  ومحاكمة من يتلاعب بالأسعار , كما يجب ابقاء دعم المشتقات النفطية والمواد التى تمس المستهلك لتسهم في الحد من تزايد الفقراء وانتشار الجرائم.

3.     تطوير التعليم كماً وكيفاً ،وإعداد مناهج دراسية قويه تهدف الى رفع العملية التعليمية وزيادة فرص الحصول على التعليم الثانوى والعالي لما لذلك من دور مهم فى الحراك الاجتماعى ألصاعد ,  مع القضاء على ما أصاب التعليم من تشوه وتقزم  ، وتعميم خدمات الرعاية الصحية من خلال نظام للتأمين الصحى الاجتماعى ألشامل , مع التوسع فى برامج التغذية المدرسية فى المدارس ..

4.     الاهتمام الكبير في المشروعات الصناعية والمنشآت الصناعية الصغيرة  فى مجالات الزراعة والصيد والحرف اليدوية واهتمام اكبر لمشكلات الفئات ألأضعف لاسيما المهمشين وسكان العشوائيات وذوى ألإعاقات والعمل على دمجهم فى الحياة الاقتصادية والاجتماعية وحماية المكتسبات التى تحققت للمرأة فى العهود السابقة وتطويرها مستقبلا ، بل والسعى لتوسيع هذه ألحقوق وكذلك توفير الحماية الكافية لحقوق المستهلكين.

5.     مكافحة الفساد بجميع انواعه وبناء نظام محكم للنزاهة من خلال أجهزة رقابية مستقلة تماماً عن السلطة التنفيذية  والالتزام بمبدأ تكافؤ الفرص لجميع ابناء الوطن دون النظر الى المعايير الحزبية والمناطقية والمذهبية، ناهيك أن الفساد يهدر موارد يمكن توجيهها إلى تحسين التعليم والرعاية الصحية وإقامة مشروعات توفر فرصا للعمل..

6.     تعزيز الحريات وتقنين ما اكتسبه الشعب منها إثناء ألثورات السابقه والتأسيس لديمقراطية تشاركيه حقيقية، وإتاحة أوسع الفرص لمشاركة الشباب والمرأة فى صنع ألقرارات كل تلك الادوات هي محور وجوهر العمل لتحقيق العدالة الاجتماعية.

     عند تنفيذ تلك النقاط  مجتمعة كحزمه متناسقة  تحت اطار عام اقتصادي  واجتماعيى مناسب كإطار التنمية المستقلة  المعتمدة فى المقام الأول على القدرات الذاتية للمجتمع بهدف الوصول إلى مستويات أعلى من العدالة الاجتماعية المتوقف على ازالة مبدأ اللامساواة في الحقوق والحريات دون انتزاع الملكية الخاصة لوسائل الانتاج نكون بذلك قد وصلنا الدولة المثالية والشعب المثالي ، و ما تعد به القوى الإسلامية والليبرالية من إجراءات للعدالة الاجتماعية للزيادة والاستدامة فى إطار ما تعلنه من تمسك باقتصاد السوق الحر المفتوح والمندمج فى الرأسمالية المعولمه انما هي زيف ولن تتحقق لأبناء الوطن جميعا بل سوف تحقق لأعضائهم فقط  وترتفع الاصوات المطالبه بالعدالة الاجتماعية لأبناء الشعب بالكامل .

ابعاد الاحداث في الساحة اليمنية:

 خلال الاعوام الثلاثة الماضية شهدت بلادنا كثير من  المناكفات والصراعات السياسية والحزبية التى ادت الى تدهور الاوضاع الاقتصادية وتزايد نسبة البطالة والفقر الى مستوىات عالية وكذا انتشار الجرائم والاغتيالات في ظل وضع امني واقتصادي ردي ومتدهور الى ابعد حد وأصبحت المؤسسة الامنية والعسكرية هدفا سهلا للمتربصين بمصالح الوطن جعلها في بعض الاحيان غير قادرة عن حماية نفسها ناهيك عن المهام الوطنية الاخرى مثل حماية انابيب النفط وأبراج الكهرباء التى يتم تفجيرها بين الحين والأخر  وتكلف الدولة مبالغ كبيرة جدا وبلغت تلك الخسائر ما يقارب من 4.5 مليار دولار.

وتزايد الصراع بين قوى الثورة والمعارضين للثورة والقوى المضادة للثورة خلال تلك الفترة حول التوجهات الاقتصادية والاجتماعية لحكومة الوفاق او حكومة ما بعد الثوره والتى فشلت فشلا ذريعاً بما تعنيه الكلمة وعجزت عن تلبية احتياجات المواطن ومع اخفاق حكومة الوفاق في تحقيق  مصالح الشعب رغم استخدامها شعارات قومية وتقدمية كان مخالفا للواقع نتيجة للسياسات التى أتبعتها ومارستها حكومة الوفاق من الحقد والكراهية وإقصاء الاخرين  وعدم مقدرتهم على التعامل والتعايش مع الاطراف الاخرى او غير المنتميين الى أحزابهم , ادى الى زيادة المواجهة بين المدافعين عن مصالح الطبقات الكادحة وأغلبية الشعب والتى مازلت في ساحات التغيير تناضل وبين المنحازين إلى الطبقة الحاكمة المستحوذة على ثروات البلاد ونهابين ثورة الشباب , ولم يتوقف الصراع على القوى الداخلية فقط بل كانت له أبعاد خارجية , كما لا يجب أن نغفل أوضاع التبعية للرأسمالية العالمية( العولمة) من المتبنيين الفكر ألليبرالي وما فرضته العولمة الرأسمالية ومؤسساتها الدولية ( صندوق النقد الدولى – البنك الدولى – منظمة التجارة العالمية ) من شروط على اقتصاديات وسياسات الدول التى قبلت الاندماج فى السوق الرأسمالي العالمى والتى قبلت بتلك الشروط , وهذه الشروط هي أحد محددات الصراع الرئيسية حول مستقبل اليمن ، وكان لها الأثر الكبير في تردي الوضع حيث لم تحقق المردود الايجابي المنشود نحو التنمية المستقلة والعدالة الاجتماعية على وجه التحديد.

 كما لا يخفى المواجهة بين توجهين الأول يقبل بالاندماج فى السوق الرأسمالى العالمى عن طريق الاعتماد على الخارج فى تحقيق التوازن للاقتصاد الوطنى وسد العجز فى الموازنة العامة للدولة والقبول بما يفرضه ذلك من تفاوتات فى الدخول واستمرار أوضاع الفقر والتهميش فى المجتمع واستمرار أوضاع البطالة والتضخم المتبنين الفكر اللبرالي على الرغم من اعلامهم الزائف بأنهم مع الشعب ورافضين أي اصلاحات سلبية تمس المواطن او رفع الدعم عن المشتقات النفطية ، والأخر يدعو إلى الأخذ بسياسة التنمية المستقلة والاعتماد على الذات وما يمكن أن يحققه ذلك للحد من الفقر والبطالة والتضخم والاعتماد على الخارج بما يساعد على تحقيق العدالة الاجتماعية , ولذلك نشير الى استراتيجياتان اساسيتان لتفاعلات الأحداث:    

أولاً : توافق واشنطن والسياسات الليبرالية الجديدة.

   لم يكن الاقتصاد اليمني عندما انفجرت الثورة في 11/ فبراير عام 2011  بعيدا عن السياسات الليبرالية الجديدة الناجمة عن توافق واشنطن حيث قامت سياسات النظام السابق على التعامل مع صندوق النقد الدولى وقبلت بشروطه مما خلق حالة من التبعية فى النظام اليمني للرأسمالية العالميه في ظل ظاهرة العولمة شملت السياسة والاقتصاد معاً ،لكن النظام السابق كان يجيد فن علمية التفاوض مع المؤسسات الدولية والتى افتقرت اليه حكومات الوفاق الامر الذي جعل القرار الوطنى فى اليمن غير مستقلاً أو متحرراً من ضغوط قوى ومؤسسات الرأسمالية العالمية .

 وتدور إستراتيجية توافق واشنطن التى تعتبر أساس السياسة الليبرالية الجديدة التى تأخذ بها المؤسسات الرأسمالية الدولية والدول الرأسمالية الكبرى حول ضرورة الدفع بأفكار اقتصاد السوق ، والتوسع فى عمليات الخصخصة مع التحرك نحو تحرير التجارة والأسواق المالية ، وضرورة تعزيز دور مؤسسات الأعمال الخاصة ، على أن يتم تقليص دور الحكومات فى النشاط الإقتصادى ليقتصر فقط على مجرد العمل على استقرار الاقتصاد الكلى ، دون إبداء الاهتمام في  تحقيق العدالة الاجتماعية ، فالحكومات مطلوب منها خصخصة كل شئ من مشروعات صناعية خدمية إلى مؤسسات الضمان الاجتماعي .

ويعتبر غياب البعد الإنسانى والاجتماعي من أبرز عيوب تلك الإستراتيجية التى تبناها صندوق النقد الدولى  والتى أدت فى العديد من الحالات إلى إثارة القلاقل السياسية والاجتماعية فى البلدان ،

 وقد اجتهدا منظورا الليبرالية الجديدة وهى المنتج الأساسى لتوافق واشنطن على إطلاق تعميمات ذات طابع غير ديمقراطى وشمولى وغير مبرر علمياً ، كالقول مثلاً ( أن مراعاة البعد الاجتماعي  واحتجاجات الفقراء أصبحت عبئاً لا يطاق  , وإنها كانت مجرد تنازل من جانب رأس المال إثناء الحرب الباردة ، وأن ذلك التنازل لم يعد له الآن ما يبرره بعد انتهاء هذه الحرب ) . أو القول مثلاً ( على كل فرد أن يتحمل قدراً من التضحية حتى يمكن كسب المعركة فى حلبة المنافسة الدولية أو الإدعاء بأن شيئاً من اللامساواه  بات أمراً لا مناص منه ) .

 وألان تطبق هذه السياسات والأفكار الليبرالية في معظم دول العالم دون مشاركة المجتمع او موافقتهم على تلك السياسات.

شروط صندوق النقد الدولى :

     1- التزم صندوق النقد الدولى بإستراتيجية توافق واشنطن التى أستمد منها السياسات الليبرالية الجديدة وفرض شروطاً قاسية لإقراض الحكومات منها :

- التخلى عن دعم المواد الغذائية الاساسية المشتقات النفطية .

- تقليص عدد العاملين في القطاع العام وخصخصة مؤسساته ومشاريعه.

- مراجعة أنظمة التقاعد والحماية الاجتماعية لتقليص الإنفاق العام وتخفيض عجز الموازنة العامة للدولة .

- تخفيض قيمة العملات الوطنية ( ما يسمى مرونة سعر الصرف ) الذى يعنى خلق تضخم مرتفع .

- تعويض الفقراء بإعانات نقدية مباشرة .

- الغاء القيود المفروضة علي التجاره الخارجية وتخفيض الجمارك لفتح السوق المحلية أمام رؤوس الاموال والسلع الاجنبية مما يؤدي الي ادماج السوق المحلي في السوق الرأسمالي العالمي.

وكما أوضحنا من قبل فإن اليمن لم يكن خارج إطار هذه الشروط مثله مثل بقية الدول العربية عندما بدأ التعامل مع المؤسسات الدولية في عام 1995  والدخول في عملية الاصلاح المالي والاقتصادي وعند  تطبيق شروط الصندوق كان من نتيجتها ازدياد معاناة الفقراء والعاملين بأجر وذوى الدخل الثابت وهم أغلبية الشعب ،وتصاعدت الإضرابات والاحتجاجات ، وكان هذا كله مقدمة للأحداث التى شهادتها البلاد في  فبراير 2011 .

ثانياً : التنمية المستقلة / المعتمدة على الذات  ;

طرح بعض الاقتصاديين رؤية مناقضة لتوافق واشنطن تستهدف حماية مصالح الشعوب على المدى الطويل وإخراجها من دائرة التبعية للرأسمالية المعولمه. فقدمت رؤية متكاملة للتنمية المستقلة وكان أخر الأطروحات الرأسماليه في مواجهة موقف توافق واشنطن وسياسات الليبرالية الجديدة التى جسدتها شروط صندوق النقد الدولى لإقراض الدول النامية ومنها دولة اليمن.

فى هذا السياق يؤكد منظورا التنمية المستقلة المعتمدة على ألذات أنها لا تعنى أن انفتاح الاقتصاد الوطنى على الاقتصاد العالمى مرفوض من حيث المبدأ ، وإنما المقصود هو أن يكون مثل هذا الانفتاح متدرجاً وانتقاليا ومحسوباً فى كل الأحوال فى ضوء الشوط الذى قطعته كل دولة على طريق التقدم .

ويركز نموذج التنمية المستقلة المعتمدة على الذات على عدد من المبادئ التى يسعى نموذج الليبرالية الجديدة إلى محوها مثل الانتقائية ، والتمييز ، والتدرج فى فتح السوق الوطنى بالتوازى مع التقدم فى بناء القدرات الإنتاجية والعلمية والمزايا التنافسية .

بعبارة أخرى ، من الواجب أن تدعم السياسات التجارية والصناعية عدداً من القطاعات أو الصناعات المنتقاة بعناية التي هى مولدة لفرص عماله وفيرة ، او لأنها توسع القاعدة التعددية للاقتصاد ، أو لأنها تسهم فى إشباع الحاجات الأساسية لغالبية الفقراء من السكان ، او لأنها ذات أهمية إستراتيجية فى بناء قطاع صناعى قوى يمكن أن يشكل قاعدة متينة للنمو الاقتصادي ، ومن المهم هنا أن يكون فى السلطة تحالف أجتماعي من خلال النقابات ومنظمات المجتمع المدني يعبر عن مصالح العمال والفلاحين والحرفيين والطبقة الوسطى عموماً وقطاع من الرأسمالية الوطنية المنتجة تتعارض مصالحها مع سياسات الليبرالية الجديدة .

ويقوم نموذج التنمية المستقلة المعتمدة على الذات على عدة مقومات أساسية قد تكون قريبه جدا الى حدا ما من  مقومات العدالة الاجتماعية ومقومات التنمية المستقلة المعتمدة على الذات هى:

1. خلق زيادة كبيرة فى معدل الادخار المحلى مع استمرار الاستفادة من الاستثمار الأجنبى الذي  يسهم في رفع الاقتصاد الوطني  .

2. يجب ان يكون للدولة دور أساسى في التخطيط التكاملي الذي يحقق :

- الاستفادة والسيطرة على الفائض الإقتصادى والمدخرات .

- عمل ضوابط لاستيراد السلع من اجل الحد من خروج العملة اللاجنبية الى خارج البلاد لضبط  رفع معدل الادخار المحلى .

-  احداث زيادة  في الانتاج والاستثمار بشكل مباشر من قبل الدولة .

- النهوض بالقدرات العلمية والتكنولوجية الوطنية وتكامل الأنشطة المرتبطة بها.

3. المشاركة الديمقراطية والتوزيع العادل للثروة والدخل كشرط للاعتماد على الذات واطراد التنمية.

4. مراقبة وعمل ضوابط توضح  علاقات الاقتصاد الوطنى بالخارج.

 أن سياسات التنمية المستقلة المعتمدة على الذات والعدالة الاجتماعية هى أساس الخروج من الأزمة الراهنة في بلادنا بحيث تفتح هذا الإجراءات الباب أمام مواجهة استراتيجية توافق واشنطن والتبعية الرأسمالية المعولمة ، وزيادة فرص بناء اقتصاد وطنى مستقل معتمد على الذات ، واتخاذ إجراءات تعالج ما تعانيه اليمن  من إفقار وبطالة وتفاوت هائل فى الدخل ، وعدم القدرة على الحصول على خدمات أساسية جيدة او المحافظه على ما حققه اليمن من سابق ... الخ .

 وفيما يلى نعرض الإجراءات المقترح أن تناضل من أجلها قوى الثورة والتى تنطلق من مفهوم التنمية المستقلة المعتمدة على الذات والعدالة الاجتماعية ، ولكنها لن تكون كافية على المدى القصير لوضع هذا المفهوم موضع التطبيق كأساس لسياسات الحكم ويجب على الاقتصاديين البحث في حول جذرية تخدم اليمن على المدى الطويل .

المقترحات:

استعادة دور الدولة على المستوى الإقتصادى والاجتماعي والأمني .

ساءت الأحوال الاقتصادية بعد الثورة وذلك لعدم وجود رؤية بديلة للسياسات الاقتصادية والاعتماد على موارد الدخل من المنتجات النفطية ، وتحويلات العمالة فى الخارج  وتحصيل الايرادات المباشره فقط. وعند انعدام الأمن تتأثر هذه الموارد بشدة اتضح ذلك جليا في نتيجته انخفاض حاد فى إحتياطى العملات الأجنبية وانخفاض مستوى النمو الإقتصادى إلى أدنى المعدلات وضعف التشغيل مما أدى بدوره إلى تزايد الاحتجاجات العمالية والمظاهرات بين الحين والأخر وتحاول الحكومة علاج ذلك بالاستدانة من الداخل ومن الخارج (من صندوق النقد الدولى ) لسد العجز في موارد الدولة ويجب على الدوله استعادة دورها و العمل على الاتي :

1 - استعادة الأمن أولا ثم تحقيق الحد الأقصى من الاستقرار السياسى مع غربلة جميع القوانين المعقدة وذات الثغرات التى يستغلها اصحاب النفوس ألضعيفة حتى يستطيع المستثمر ضمان حقوقه ، مما يفتح ويشجع أبواب الاستثمار سواء المحلية او الاجنبية .

2- يجب على الدولة التخطيط طويل المدى وفتح منافذ جديدة وقوية وذات مردود مادى يشجع المستثمر على التعاطى فيها على جميع مستويات الاستثمار.

3. محاولة التخلي  عن سياسات الاقتراض من صندوق النقد الدولى .

4. تحديد الأجر الأدنى والأقصى وذلك بخفض المرتبات العالية بحيث تكون معقولة لتحقيق وفور تسهم في تخفيض الانفاق الحكومي .

5. يجب على  الدولة الاهتمام بالتشغيل من خلال الاستثمارات فى قطاعات البنية التحتية حتى لو أدى هذا إلى التمويل بالعجز فى المدى القصير .

6. عمل استراتجيه واضحة لتحصيل ايرادات الضرائب وتبنى سياسات ضريبية متصاعدة تصل فى أقصاها إلى 48% ( وهى نسبة عالمية موجودة فى أغنى الدول الرأسمالية ) وذلك لزيادة دخل الحكومة .

7. فرض ضرائب جمركية عالية على السلع الاستهلاكية الكمالية وعلى السلع المنافسة  للصناعات المحلية الأساسية والتاريخية.

8. يجب على الدولة اعادة دورها في مراقبة السلع على المواصفات والجودة ومحاربة الاحتكارات الاقتصادية التى أدت إلى ارتفاع الأسعار بصورة جنونيه  .

9. إعادة توزيع الدخل وضمان الخدمات الأساسية للفقراء من خلال السياسات الديمقراطية الاجتماعية وسوف تؤدى تلك السياسات إلى رفع الطلب المحلى على الصناعات والخدمات المحلية بالإضافة إلى تقليل نسب الفقر المتزايدة فى بلاداً .

10. يجب التوقف عن اصدار اذون الخزنه او الحد منها لأنها لم تستغل لتمويل مشاريع البنية التحتية  من اجل زيادة التشغيل وفرض رقابة على سوق الصرف الاجنبي ومنع السمسرة وتحديد المبالغ المسموح بخروجها من البلاد وإيداع كل المبالغ والمعونات في البنك المركزي اليمني ومنع فتح حسابات خاصة للهيئات والمؤسسات في البنوك التجارية .

بعض مؤشرات االإقتصاد الكلى فى اليمن لعام 2014:

 يدخل الاقتصاد اليمنى عام 2014 مثقلاً بهموم وأعباء اقتصادية صعبة جداً في ظل تنمية شبه منعدمة  وهى ذات الهموم التى يتجرع مرارتها الشعب اليمني طوال عام 2013 ، والتى من اهمها استمرار تحديات الأمن وتفجير أنابيب النفط والكهرباء وزيادة تكلفة مواجهة الإرهاب وأعباء التوظيف الجديد وصرف العلاوات السنوية لموظفي الدولة وانتشار الفساد في جميع مرافق الدولة ... الاخ.  كل ذالك انعكس بالسالب على حركة الاستثمار المحلي والخارجي وضاعف من معدلات الفقر والبطالة ، ونشير هنا الى بعض المؤشرات  الاقتصادية.

1 –يتوقع  ثبات معدل النمو من الناتج المحلي الاجمالي عند حوالي  (5,1%) تقريبا عام 2014.

2 – يتوقع ارتفاع  معدل التضخم الى نسبة  9% عام 2014 في ظل ارتفاع معدل السكان الى نسبة 3%

3- أنخفض أحتياطى النقد الأجنبى الى 4.8 مليار دولار تقريبا في شهر مارس عام 2014  وهو لا يكفى لتغطية احتياجات اليمن أكثر من خمسة شهور تقريبا ، وقد ساهم فى تحقيق هذا الانخفاض تراجع كميات النفط المنتج بسبب تفجير انابيب النفط بين الحين والأخر وهو المورد الاساسي للصادرات في ميزان المدفوعات وكذا ما يتم اخراجه الى السوق المحلي من النقد الاجنبي للمحافظة على استقرار سعر الدولار امام الريال .

4- تزايد عجز الموازنة العامة للدولة المتوقع إلى نحو 679 مليار ريال فى مشروع موازنة عام  2014 بنسبة تتجاوز 8.24% وذلك نتيجة لانخفاض موارد الدولة .

5- ارتفعت معدلات البطالة لأسباب عديدة منها تراجع معدلات الاستثمار ، توقف عدد من المصانع عن الإنتاج ، عودة كثير من اليمنيين  العاملين فى السعودية  . وقد بلغت نسبة البطالة الى 60%

6- أنخفض الاستثمار المحلي والأجنبى  بسبب الانفلات الامني .

7 - زادت نسبة الفقراء إلى إجمالى عدد السكان ربما تصل الى  اكثر من  50% عام 2014  .

8- يبلغ نصيب أغنى  10% من السكان حوالى  60% من إجمالى الدخل القومى ، ونصيب أفقر 30% من السكان حوالى 10% من الدخل القومي  ونصيب 60% من السكان وهي النسبة المتبقية الى 30% من إجمالى الدخل القومى  منذ عام 2004 .

المراجع :

1 – نيري وودز , قلاع العولمة  عن صندوق النقد الدولى ،والبنك الدولى ، ألمقرضين , ترجمة : محمد رشدي محمد سالم ,المركز القومي , عام 2010 .

2-  د مضر قسيس وآخرون ، ثورات الكرامة العربية ، رؤى لما بعد النيوليبرالية ، منتدى البدائل العربى    للدراسات . القاهرة 2012 .

3– د هانس – بيتر مان ، هارالد شومان ، فخ العولمة – الإعتداء على الديمقراطية والرفاهية – سلسلة عالم المعرفة ، العدد 238 ، الكويت أكتوبر 1998 .

4-د  إبـراهيـم العيسوى ، كتاب الاقتصاد المصرى فى ثلاثين عاماً ، المكتبة الأكاديمية بالقاهرة 2007.

5 - د. جودة عبد الخالق ، التثبيت والتكيف ، إصلاح أم إهدار للتصنيع ، المجلس الأعلى للثقافة ، المشروع القومى للترجمة القاهرة 2004 .

6- د. إبراهيم العيسوى التنمية المستقلة ، كراسة تثقيفية ، القاهرة يونيو 2012 .

7-  سياسية وشروط - صندوق النقد و البنك الدوليين عبر المواقع الالكترونية.

8 – كتاب البيان المالي المقدم لمجلس النواب  لموازنة عام 2014.

9- نشرة  التطورات النقدية والمصرفية  لشهر مارس عام 2014. البنك المركزي اليمني, صنعاء.

--بمنات الاخباري