الليبرالية في اليمن: شكوك وثقة مفقودة وصراع أجيال

الأربعاء 02 أبريل 2014 12:45 صباحاً عدن اليوم - هناء صوتك

يصف جيل الشباب في اليمن نفسه بأنه متحرر وليبرالي أكثر من الجيل السابق، ويدلل على ذلك بقدرته على القبول والانفتاح على كل الأفكار والمعتقدات والسلوكيات. إلا أن الجيل السابق يرفض مثل هذا التفكير، ويعتبره "نمطيا"، ويرى أن يصفه بـ"التحرر الظاهري" الذي يبديه الشباب "لا يخفي حقيقة الانغلاق والجمود داخل بعضهم" وأن الأمر "ليس مقارنة بين الشباب والشيوخ".

اكتشاف

صنعاء- أحمد الشامي"ربما احتجت إلى وقت كي أفهم من أنا وكيف أفكر"، هذا ما تقوله الدكتورة إلهام مانع، الكاتبة والناشطة اليمنية؛ وتستدرك: "لكني كنت أدرك أني، منذ وعيت، أنفر من المواقف الحادة أو المتحيزة ضد إنسان ما بسبب رأي، هوية دينية أو فكرية أو عرقية، ميول جنسية، أو سلوك. في الواقع كنت أقبل الإنسان كما هو. وطالما لا يؤذي غيره، فليكن كما يريد".

وتسترسل أستاذة العلوم السياسية بجامعة زيورخ، الدكتورة إلهام: "مع الوقت ادركت أن مواقفي تنتمي إلى منظومة فكرية اجتماعية اقتصادية، يسمونها الليبرالية. ومع الوقت بدأت أيضاً أصنف الليبرالية إلى أنواع، ثم جاءت اللحظة التي أدركت فيها أنني أنتمي إلى ليبرالية إنسانية، تحترم قواعد الرأسمالية، لكنها في الوقت ذاته تدعو إلى ضوابط لها تحمي الإنسان في المجتمع، ثم تحترم حقوقه الإنسانية وتؤصل لها في القانون والدولة".

غياب

وعام 2012، تعرض منصور الصمدي لهجمة لشرسة عندما أعلن عن تأسيس حزبٍ ليبرالي؛ من حيث المضمون والتسمية؛ وعندما سألته عن وجود الليبرالية في اليمن، أجاب: "في الواقع السياسي اليمني، لا تزال الليبرالية شبه غائبة؛ ولن تتمكن من فرض وجودها وينعم الناس بثمارها إلا بعد أن تصبح حالة وعي لدى الناس باعتبارها الحاضنة الرئيسية لكل أدوات ومقومات المدنية والتعايش الإنساني الخلاق".

وعن المقومات التي من شأنها أن تعزز وجود الفكر الليبرالي في المجتمع اليمني، قال الصمدي، وهو رئيس اللجنة التحضيرية للحزب الليبرالي اليمني: "هناك قوانين تكفل جملة من الحقوق والحريات؛ صحيح أنها لا تطبق، لكنها تمثل نواة يمكن الأخذ بها وتطبيقها مستقبلاً، كما أن الكثير من مخرجات مؤتمر الحوار الوطني يغلب عليه الطابع الليبرالي".

فشل

"كثير من الشباب لم يعودوا يثقون بالأحزاب السياسية التي تتعارض توجهاتها مع الفكر الليبرالي"، هكذا يقول الشاب محمد، طالب الدراسات العليا، ويؤكد على أن "تلك الأحزاب فشلتْ في استيعاب الشباب وباتتْ تشكل عائقاً أمام تقدمهم وتطورهم".

جيل متحرر

لا تعني الليبرالية أكثر من التركيز على أهمية الإنسان الفرد، وضرورة أن يتحرر من كل أنواع الاستبداد والسيطرة الخارجية، هذا ما يعتقده سمير (29 عاماً)، المعيد في إحدى الجامعات اليمنية، ويضيف: "جيلنا الحالي استطاع أن يتحرر من كثير من المرجعيات، وأصبح كل شاب يمثل مرجعية مستقلة، وهذا هو جوهر الفكر الليبرالي".

أما ميسون (22 عاماً)، الطالبة الجامعية، فتقول: "الليبرالية إن كانت تعني أن من حق الفرد أن يحيا حراً، وأن يتسامح مع الآخر ويقبل الاختلاف والتنوع، فإن نسبة كبيرة من فتيات جيلي ينتمين إلى هذا الفكر".

ويتشارك منصور الصمدي مع سمير وميسون في التأكيد على أن جيل اليوم أكثر إيماناً بفكرة الليبرالية من كل الاجيال التي سبقته، ويعود السبب في رأيه إلى "تأثر هذا الجيل وانفتاحه على العالم بفضل ثورة المعلومات".

ويتفق ماجد الطياشي، إعلامي شاب، مع من يقول إن جيل اليوم أكثر انفتاحاً وتحرراً، ويضيف: "كانت النظرة السائدة في السابق أن الليبراليين ملحدون، وأصبح اليوم توصيفهم أقل حدة".

مستقبل

يبدي الدكتور فؤاد الصلاحي، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، تشاؤما حول مستقبل الليبرالية في اليمن: "لا نستطيع القول إن الليبرالية ستنجح في اليمن، حتى لو ظهرت أحزاب تنادي بها، لأن انتشار الأمية والثقافة التقليدية، وعدم وجود تنشئة سياسية داخلية في المدارس والجامعات تجعل من نجاحها في المدى القريب صعباً".